اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ، رِجَالٌ إلى قوله: {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} [النور: 36، 37] قال الثعلبي بإسناده عن أنس وبُريدة قالا: قرأ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هذه الآية، فقام رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ فقال:"بيوت الأنبياء". فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها؟ يعني بيت عليّ وفاطمة. قال: نعم من أفضلها، وصف فيها الرجال بما يدلّ على أفضليتهم فيكون عليّ هو الإمام، وإلا لزم تقديم المفضول على الفاضل"."
والجواب من وجوه: أحدها: المطالبة بصحة هذا النقل. ومجرد عزو ذلك إلى الثعلبي ليس بحجة باتفاق أهل السنة والشيعة، وليس كل خبر رواه واحدٌ من الجمهور يكون حجة عند الجمهور، بل علماء الجمهور متفقون على أن ما يرويه الثعلبي وأمثاله لا يحتجون به، لا في فضيلة أبي بكر وعمر، ولا في إثبات حكم من الأحكام، إلا أن يُعلم ثبوته بطريق، فليس له أن يقول: إنّ نحتج عليكم بالأحاديث التي يرويها واحد من الجمهور، فإن هذا بمنزلة من يقول: أنا أحكم عليكم بمن يشهد عليكم من الجمهور، فهل يقول أحد من علماء الجمهور: إن كل من شهد منهم فهو عدل، أو قال أحد من علمائهم: إن كل من روى منهم حديثاً كان صحيحاً.
ثم علماء الجمهور متفقون على أن الثعلبي وأمثاله يروون الصحيح والضعيف، ومتفقون على أن مجرد روايته لا توجب اتّباع ذلك. ولهذا يقولون في الثعلبي وأمثاله: إنه حاطب ليل يروي ما وجد، سواء كان صحيحاً أو سقيماً. فتفسيره وإن كان غالب الأحاديث التي فيه صحيحة، ففيه ما هو كذب موضوع باتفاق أهل العلم.
ولهذا لما اختصره أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي - وكان أعلم بالحديث والفقه منه، والثعلبي أعلم بأقوال المفسرين - ذكر البغوي عنه أقوال المفسرين والنحاة وقصص الأنبياء، فهذه الأمور نقلها البغوي من الثعلبي، وأما الأحاديث فلم يذكر في تفسيره شيئاً من الموضوعات التي رواها الثعلبي، بل يذكر الصحيح منها ويعزوه إلى البخاري وغيره، فإنه مصنّف كتاب"شرح السنة"وكتاب"المصابيح"وذكر ما في الصحيحين والسنن، ولم يذكر الأحاديث التي تظهر لعلماء الحديث أنها موضوعة، كما يفعله غيره من المفسرين، كالواحدي صاحب الثعلبي، وهو أعلم بالعربية منه، وكالزمخشري وغيرهم من المفسرين، الذين يذكرون من الأحاديث ما يعلم أهل الحديث أنه موضوع.