فهرس الكتاب
الصفحة 57 من 363

عنها، ويأمر من فعلها بأن يتوب منها.

وفي الصحيح عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه كان يقول: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، واغسلني بالثلج والبَرَد والماء البارد، اللهم نقِّني من الخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس" [1] .

وفي الصحيحين أنه قال لعائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قبل أن يعلم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم براءتها، وكان قد ارتاب في أمرها، فقال:"يا عائشة إن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه" [2] .

وبالجملة لفظ"الرجس"أصله القذر، ويُراد به الشرك، كقوله: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} [الحج: 30] . ويراد به الخبائث المحرَّمة، كالمطعومات والمشروبات، كقوله: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا} [الأنعام: 145] وقوله: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90] ، وإذهاب ذلك إذهاب لكله. ونحن نعلم أن الله أذهب عن أولئك السادة الشكر والخبائث.

ولفظ"الرجس"عام يقتضي أن الله يريد أن يذهب جميع الرجس، فإن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم دعا بذلك:

وأما قوله:"وطَهِّرهُم تطهيرا"فهو سؤال مطلق بما يسمّى طهارة. وبعض الناس يزعم أن هذا مطلق، فيكتفي فيه بفرد من أفراد الطهارة، ويقول مثل ذلك في قوله: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: 2] ونحو ذلك.

(1) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 1/ 145 (كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير) ، مسلم 1/ 419 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبير الإحرام والقراءة) ، سنن أبي داود 1/ 288 - 289 (كتاب الصلاة، باب السكتة عند الافتتاح) ، سنن النسائي 1/ 45 (كتاب الطهارة، باب الوضوء بالثلج) . والحديث في سنن ابن ماجه والدارمي ومسند أحمد.

(2) حديث الإفك حديث طويل جاء عن عائشة رضي الله عنها. والحديث في البخاري 3/ 173 - 176 (كتاب الشهادات، باب تعديل النساء بعضهن بعضاً) ، 5/ 116 - 120 (كتاب المغازي، باب حديث الإفك) ، 6/ 76 - 77 (كتاب التفسير، سورة يوسف) ، مسلم 4/ 2129 - 2138 (كتاب التوبة، باب في حديث الإفك ... ) ، المسند (ط. الحلبي) 6/ 194 - 197.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام