سفيان آخذ بلجام بلغته" [1] وفيه:"قال العباس: لزمت أنا وأبو سفيان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم حُنين فلم نفارقه" [2] ."
وأما غُسله صلَّى الله عليه وسلَّم وإدخاله قبره، فاشترك فيه أهل بيته، كالعباس وأولاده، ومولاه شقران، وبعض الأنصار، لكن عليٌّ كان يباشر الغسل، والعباس حاضر لجلالة العباس، وأن عليّاً أولادهم بمباشرة ذلك.
وكذلك قوله:"هو أوّل عربي وعجمي صلَّى"يناقض ما هو المعروف عن ابن عباس.
وأما حديث المعراج وقوله فيه: إن الملائكة المقرَّبين والملائكة الكروبيين لما سمعت فضائل عليّ وخاصته وقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم:"أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"؟"اشتاقت إلى عليّ فخلق الله لها مَلَكاً على صورة عليّ".
فالجواب: أن هذا من كذب الجُهّال الذين لا يحسنون أن يكذبوا فإن المعراج كان بمكة قبل الهجرة بإجماع الناس، كما قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير} [الإسراء: 1] .
وكان الإسراء من المسجد الحرام. وقال: {وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 1 - 4] إلى قوله: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى، وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى} [النجم: 12 - 14]
(1) الحديث عن البراء بن عازب رضي الله عنه في: البخاري 4/ 30 - 31 (كتاب الجهاد والسير، باب من قاد دابة غيره) ونصه .. قال رجل للبراء بن عازب رضي الله عنهما: أفررتم عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم حُنين؟ قال: لكن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يفز، إن هوازن كانوا قوماً رماة، وإنا لما لقيناهم حملنا عليهم فانهزموا، فأقبل المسلمون على الغنائم، واستقبلونا بالسهام، فأما رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فلم يفر، فلقد رأيته على بلغته البيضاء وإن أبا سفيان آخذ بلجامها، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم يقول:"أنا النبي لا كذب .. أنا ابن عبد المطلب". والحديث في: مسلم 3/ 1400 - 1401 (الموضع السابق) . وجاء الحديث عن البراء رضي الله عنه في مواضع أخرى في البخاري: 4/ 32 (كتاب الجهاد والسير، باب بغلة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم البيضاء) ، 4/ 43 (كتاب الجهاد والسير، باب من صف أصحابه عند الهزيمة .. ) ، 4/ 67 (كتاب الجهاد والسير، باب من قال خذها وأنا ابن فلان) ؛ 5/ 153 (كتاب المغازي، باب قول الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ .. } . وانظر فتح الباري 8/ 28 - 32.
(2) هذه العبارة في حديث العباس رضي الله عنه: مسلم 3/ 1398؛ المسند (ط. المعارف) 3/ 208.