كان لواؤه معه في كل زحف، وهو الذي صبر معه يوم حنين، وهو الذي غسَّله وأدخله قبره.
وعن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال مررت ليلة المعراج بقوم تُشرشر أشداقهم، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: قوم يقطعون الناس بالغيبة. قال: ومررت بقوم وقد ضوضؤا، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الكفار. قال: ثم عدلنا عن الطريق، فلما انتهينا إلى السماء الرابعة رأيت عليّاً يصلّي، فقلت: يا جبريل هذا عليّ قد سبقنا. قال: لا ليس هذا عليّاً. قلت: فمن هو؟ قال: إن الملائكة المقرَّبين والملائكة الكروبيين لما سمعت فضائل عليّ وخاصته وسمعت قولك فيه: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي، اشتاقت إلى عليّ، فخلق الله تعالى لها مَلَكاً على صورة عليّ، فإذا اشتاقت إلى عليّ جاءت إلى ذلك المكان، فكأنها قد رأت عليّاً.
وعن ابن عباس قال: إن المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ذات يوم وهو نشيط: أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتي. قال: فقوله أنا الفتى يعني هو فتى العرب، وقوله ابن الفتى، يعني إبراهيم من قوله تعالى: {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 60] وقوله: أخو الفتى، يعني عليّاً، وهو معنى قول جبريل في يوم بدر وقد عرج إلى السماء وهو فرح وهو يقول: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا عليّ. وعن ابن عباس قال: رأيت أبا ذر وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يقول من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر، لو صمتم حتى تكونوا كالأوتار، وصليتم حتى تكونوا كالحنايا، ما نفعكم ذلك حتى تحبوا عليّاً.
والجواب: أما قوله عن عامر بن واثلة ما ذكره يوم الشورى، فهذا كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث [1] ، ولم يقل عليّ رضي الله عنه يوم الشورى شيئاً من هذا ولا ما يشابهه، بل قال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: لئن أمرتك لتعدلنّ؟ قال: نعم قال: وإن بايعت عثمان لتسمعن وتطيعن؟ قال: نعم. وكذلك قال لعثمان. ومكث عبد الرحمن ثلاثة أيام يشاور المسلمين.
(1) ذكر ابن الجوزي قسماً من هذا الحديث في"الموضوعات"1/ 378 - 380 وقال:"هذا حديث موضوع لا أصل له"وانظر باقي كلامه. وقد ذكر كلاماً مماثلاً السيوطي في"اللآلئ المصنوعة"1/ 361.