المقالات والحديث والسير، وكانوا موجودين في زمن الصحابة والتابعين يناظرونهم ويقاتلونهم، والصحابة اتفقوا على وجوب قتالهم، ومع هذا فلم يكفّروهم ولا كفَّرهم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأما الغالية في عليّ رضي الله عنه فقد اتفق الصحابة وسائر المسلمين على كفرهم، وكفَّرهم عليّ بن أبي طالب نفسه، وحرَّقهم بالنار. وهؤلاء الغالية يُقتل الواحد منهم المقدور عليه، وأما الخوارج فلم يقاتلهم عليّ حتى قتلوا واحداً من المسلمين، وأغاروا على أموال الناس فأخذوها، فأولئك حكم فيهم عليّ وسائر الصحابة بحكم المرتدين، وهؤلاء لم يحكموا فيهم بحكم المرتدين.
وهذا مما يبين أن الذين زعموا أنهم والوه دون أبي بكر وعمر عثمان يوجد فيهم من الشر والكفر باتفاق عليّ وجميع الصحابة ما لا يوجد في الذين عادوه وكفَّروه، ويبين أن جنس المبغضين لأبي بكر وعمر شر عند عليّ وجميع الصحابة من جنس المبغضين لعلي.
وأما حديث الكساء فهو صحيح رواه أحمد والترمذي من حديث أم سلمة [1] ، ورواه مسلم في صحيحه [2] من حديث عائشة. قالت: خرج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ذات غَداة وعليه مِرْطٌ مُرَحَّل [3] من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليّ فأدخله، ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] .
وهذا الحديث قد شركه فيه فاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم فليس هو من خصائصه. ومعلوم أن المرأة لا تصلح للإمامة، فعُلم أن هذه الفضيلة لا تختص بالأئمة، بل يشاركهم فيها غيرهم. ثم إن مضمون هذا الحديث أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم دعا لهم بأن يذهب عنهم الرجس
(1) سبق الحديث ص
(2) 4/ 1883 (كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أهل بيت صلَّى الله عليه وسلَّم) .
(3) قال شارح صحيح مسلم: (مرط مرحّل) : المرط كساء، جمعه مروط. المرحّل هو الموشى المنقوش عليه صور رحال الإبل.