واستحلُّوا قتله تقرباً إلى الله تعالى، حتى قال شاعرهم عمران بن حطَّان:
يا ضربة من تقيّ ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره حيناً فأحسبه ... أوفى البرية عند الله ميزانا
فعارضه شاعر أهل السنة فقال:
يا ضربة من شقي ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش خسرانا
إني لأذكره حيناً فألعنه ... لعناً وألعن عمران بن حطّانا
وهؤلاء الخوارج كانوا ثمان عشرة فرقة، كالأزارقة أتباع نافع بن الأزرق [1] والنجدات أتباع نجدة الحروري [2] ، والإباضية أتباع عبد الله بن إباض [3] ، ومقالاتهم وسيرهم مشهورة في كتب
(1) الأزارقة أتباع أبي راشد نافع بن الأزرق بن قيس الحنفي البكري الوائلي، من أهل البصرة، صحب في أول أمره عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم كان من أنصار الثورة على عثمان وممن والى علياً إلى أن خرج عليه في حروراء، وكان جباراً فتاكاً، ومن أشد الخوارج تطرفاً، قتل سنة 65. والأزارقة يكفرون عثمان وعلياً والزبير وطلحة، كما يكفرون القعدة عن القتال معهم، وقالوا بكفر أصحاب الكبائر وخلودهم في النار، وأن دار مخالفيهم دار كفر. انظر عن نافع بن الأزرق والأزارقة: لسان الميزان (6/ 144 - 145) ، تاريخ الطبري (5/ 528 - 565، 566 - 568، 613؛ 614) ، الأعلام (8/ 315 - 316) ، مقالات الإسلاميين (1/ 157 - 162) ، الملل والنحل 1/ 109 - 110؛ الفرق بين الفرق، ص (50 - 52) ، التبصير في الدين، (ص 29 - 30) ، الفصل في الملل والنحل (5/ 25 - 53) ، الخطط للمقريزي (2/ 354) .
(2) النجدات أو النجدية أتباع نجدة بن عامر الحنفي، ولد سنة 36 وتوفى سنة 69 وكان في بادئ أمره من أتباع نافع بن الأزرق ثم خالفه واستقل بمذهبه، استقر أيام عبد الله بن الزبير بالبحرين وتسمى أمير المؤمنين وأقام بها خمس سنين إلى أن قتل. والنجدات - كما يقول الأشعري - لا يقولون مثل سائر الخوارج إن كل كبيرة كفر، ولا يقولون إن الله يعذب أصحاب الكبائر عذاباً دائماً، وزعموا أن من فعل صغيرة وأصر عليها فهو مشرك، ومن فعل كبيرة ولم يصرّ عليها فهو مسلم، وقال النجدات: ليس على الناس أن يتخذوا إماماً، إنما عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم. انظر عن نجدة والنجدات: لسان الميزان (6/ 148) ، شذرات الذهب (1/ 76) ، الكامل لابن الأثير (4/ 78 - 80) ، الأعلام (8/ 324 - 325) ، مقالات الإسلاميين (1/ 156، 262 - 264) ، الفرق بين الفرق (ص 52 - 54) ، الملل والنحل (1/ 110 - 112) ، التبصير في الدين (ص 30 - 31) ، الفصل في الملل والنحل (5/ 53) ، الخطط للمقريزي (2/ 354) .
(3) الإباضية أتباع عبد الله بن إباض المقاعسي المري التميمي من بني مرة بن عبيد بن مقاعس، اختلف المؤرخون في سيرته وتاريخ وفاته، كان معاصراً لمعاوية وعاش إلى أواخر عصر عبد الملك بن مروان وتوفي على الأرجح سنة 86 ه. قال الإباضية إن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين، ودار مخالفيهم من أهل الإسلام دار توحيد، إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي، وأجمعوا على أن من ارتكب كبيرة من الكبائر كفر كفر النعمة لا كفر الملة، وانقسموا إلى حفصية وحارثية ويزيدية. انظر عن عبد الله بن إباض والإباضية: لسان الميزان (3/ 248) ، الأعلام (4/ 184 - 186) مقالات الإسلاميين (1/ 170 - 176) ، الملل والنحل (1/ 121 - 122) ، الفرق بين الفرق (ص 61 - 65) ، التبصير في الدين (ص 34 - 35) ، الفصل في الملل والنحل (5/ 51) الخطط للمقريزي (2/ 355) ، الإباضية في موكب التاريخ لعلي يحيى معمر (ط. مكتبة وهبة 1384/ 1964) ، الإباضية في دائرة المعارفة الإسلامية لموتيلنسكي.