فهرس الكتاب
الصفحة 249 من 363

فكانوا يباينون الكفّار، ويظهرون مباينتهم بحيث يُعرف المؤمن من الكافر. وكذلك هاجر من هاجر منهم إلى أرض الحبشة، مع ضعفهم، وكانوا يباينون النصارى، ويتكلمون بدينهم قدّام النصارى.

وهذه بلاد الإسلام مملوءة من اليهود والنصارى، وهم مظهرون لدينهم، متحيّزون عن المسلمين.

فإن كان كل من يشكّ في خلافة عليّ كافراً عنده وعند أهل بيته، وليس بمؤمن عندهم إلا من اعتقد أنه الإمام المعصوم بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ومن لم يعتقد ذلك فهو مرتدٌّ عند عليّ وأهل بيته، فعليّ أول من بدّل الدين، ولم يميّز المؤمنين من الكافرين، ولا المرتدين من المسلمين.

وهب أنه كان عاجزاً عن قتالهم وإدخالهم في طاعته، فلم يكن عاجزاً عن مباينتهم، ولم يكن أعجز من الخوارج الذين هم شرذمة قليلة من عسكره، والخوارج اتخذوا لهم داراً غير دار الجماعة، وباينوهم كما كفّروهم، وجعلوا أصحابهم هم المؤمنين.

وكيف كان يحلّ للحسن أن يسلّم أمر المسلمين إلى من هو عنده من المرتدّين، شرّ من اليهود والنصارى كما يدّعون في معاوية، وهل يفعل هذا من يؤمن بالله واليوم الآخر؟ وقد كان الحسن يمكنه أن يقيم بالكوفة، ومعاوية لم يكن بدأه بالقتال، وكان قد طلب منه ما أراد، فلو قام مقام أبيه لم يقاتله معاوية. وأين قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الثابت عنه في فضل الحسن: "إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" [1] فإن كان عليّ وأهل بيته - والحسن منهم - يقولون: لم يصلح الله إلا بين المؤمنين والمرتدّين، فهذا قدح

(1) الحديث عن أبي بكرة رضي الله عنه في: البخاري 3/ 186 (كتاب الصلح باب قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم للحسن بن علي رضي الله عنهما إن بني هذا سيد ... ) ، 4/ 204 - 205 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام) ، 5/ 26 (كتاب فضائل أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما) ، 9/ 56 - 57 (كتاب الفتن، باب قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم للحسن بن علي إن ابني هذا لسيد ... ) . ولفظ البخاري: ... ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين. وفي لفظ: بين فئتين من المسلمين.

والحديث أيضاً في: سنن أبي داود 4/ 299 - 300 (كتاب السنة، باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة) ، سنن الترمذي 5/ 323 (كتاب المناقب، باب حدثنا محمد بن بشار ... ) ، سنن النسائي 3/ 87 - 88 (كتاب الجمعة، باب مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام