نصرانياً"."
والجواب من وجوه:
أحدها: المطالبة بتصحيح النقل. وهذا على سبيل التنزل، فإن مجرد رواية الموفق خطيب خوارزم لا تدل على أن الحديث ثابت قاله رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا لو لم يُعلم ما في جمعه من الأحاديث من الكذب والفِرية، فأما من تأمّل ما في جمع هذا الخطيب فإنه يقول: سبحانك هذا بهتان عظيم!
الثاني: أن كل من له معرفة بالحديث يشهد أن هذه الأحاديث كذب مفتراة على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم [1] .
الثالث: أن هذه الأحاديث إن كانت مما رواها الصحابة والتابعون فأين ذكرها بينهم؟ ومن الذي نقلها عنهم؟ وفي أي كتاب وُجد أنهم رووها؟ ومن كان خبيراً بما جرى بينهم علم بالاضطرار أن هذه الأحاديث مما ولّدها الكذّابون بعدهم، وأنها مما عملت أيديهم.
الوجه الرابع: أن يُقال: علمنا بأن المهاجرين والأنصار كانوا مسلمين يحبون الله ورسوله، وأن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يحبّهم ويتولاهم، أعظم من علمنا بصحة شيء من هذه الأحاديث، وأن أبا بكر الإمام بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. فكيف يجوز أن يُرد ما علمناه بالتواتر المتيقن بأخبار هي أقل وأحقر من أن يُقال لها: أخبار آحاد لا يُعلم لها ناقل صادق، بل أهل العلم بالحديث متفقون على أنها من أعظم المكذوبات، ولهذا لا يوجد منها شيء في كتب الأحاديث المعتمدة، بل أئمة الحديث كلهم يجزمون بكذبها.
الوجه الخامس: أن القرآن يشهد في غير موضع برضا الله عنهم وثنائه عليهم، كقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: 100] .
وقوله: لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ
(1) روى ابن الجوزي الحديث الأخير في كتابه"الموضوعات"1/ 385 بسند آخر ونصه فيه:"من مات وفي قلبه بغض لعليّ بن أبي طالب فليمت يهودياً أو نصرانياً"قال ابن الجوزي:"هذا حديث موضوع، والمتهم به عليّ بن قرين. قال العقيلي: هو وضع هذا الحديث، وقال يحيى بن معين: هو كذاب خبيث. وقال البغوي: كان يكذب".
وأما الحديث الأول فلم أجده ولكن ذكر السيوطي حديثاً موضوعاً منسوباً إلى جابر رضي الله عنه في كتاب"اللآلئ المصنوعة"1/ 328 ونصه:"عليّ خير البشر فمن أبى فقد كفر"وانظر كلام السيوطي عليه.