النجار، وبين المباهلة وذلك عدة سنين.
السادس: أنه كان قد آخى بين المهاجرين والأنصار، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم وعليّ كلاهما من المهاجرين، فلم يكن بينهما مؤاخاة، بل آخى بين عليّ وسهل بن حنيف، فعُلم أنه لم يؤاخ عليّاً، وهذا مما يوافق ما في الصحيحين من أن المؤاخاة إنما كانت بين المهاجرين والأنصار، لم تكن بين مهاجري ومهاجري.
السابع: أن قوله:"أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"إنما قاله في غزوة تبوك مرة واحدة، لم يقل ذلك في غير ذلك المجلس أصلاً باتفاق أهل العلم بالحديث.
وأما حديث الموالاة فالذين رووه ذكروا أنه قاله بغدير خم مرة واحدة، لم يتكرر في غير ذلك المجلس أصلاً.
الثامن: أنه تقدم الكلام على المؤاخاة، وأن فيها عموماً وإطلاقاً لا يقتضي الأفضلية والإمامة، وأن ما ثبت للصّدّيق من الفضيلة لا يشركه فيه غيره، كقوله:"لو كنت متخذاً خليلاً من أهل الأرض لاتخذت أبا بكر خليلاً"، وإخباره: أن أحب الرجال إليه أبو بكر، وشهادة الصحابة له أنه أحبهم إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وغير ذلك مما يبين أن الاستدلال بما روي عن المؤاخاة باطل نقلاً ودلالة.
التاسع: أن مِنَ الناس مَنْ يظن أن المؤاخاة وقعت بين المهاجرين بعضهم مع بعض، لأنه روي فيها أحاديث، لكن الصواب المقطوع به أن هذا لم يكن، وكل ما روي في ذلك فإنه باطل: إما أن يكون من رواية مَنْ يتعمد الكذب، وإما أن يكون أخطأ فيه، ولهذا لم يخرج أهل الصحيح شيئاً من ذلك.
والذي في الصحيح إنما هو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ومعلوم أنه لو آخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض وبين الأنصار بعضهم مع بعض، لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، ولكان يذكر في أحاديث المؤاخاة، ويذكر كثيراً، فكيف وليس في هذا حديث صحيح، ولا خرَّج أهل الصحيح من ذلك شيئاً.
وهذه الأمور يعرفها مَنْ كان له خبرة بالأحاديث الصحيحة والسيرة المتواترة، وأحوال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وسبب المؤاخاة وفائدتها ومقصودها، وأنهم كانوا يتوارثون بذلك، فآخى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بين المهاجرين والأنصار، كما آخى بين سعد بن الربيع وعبد الرحمن بن عوف، وبين سلمان الفارسي وأبي الدرداء، ليعقد الصلة بين المهاجرين والأنصار،