أسلافه شيوخ الرافضة، يكذبون يروون الكذب بلا إسناد، وقد قال ابن المبارك: الإسناد من الدين، لولا الإسناد لقال مَنْ شاء ما شاء، فإذا سُئل: وقف وتحيّر.
الثاني: أن هذا الحديث موضوع عند أهل الحديث، لا يرتاب أحد من أهل المعرفة بالحديث أنه موضوع [1] ، وواضعه جاهل، كذب كذباً ظاهراً مكشوفاً، يعرف أنه كذب من له أدنى معرفة بالحديث، كما سيأتي بيانه.
الثالث: أن أحاديث المؤاخاة لعليّ كلها موضوعة [2] ، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يؤاخ أحدأً، ولا آخى بين مهاجري ومهاجري، ولا بين أبي بكر وعمر ولا بين أنصاري وأنصاري، ولكن آخى بين المهاجرين والأنصار في أول قدومه المدينة [3] .
وأما المباهلة فكانت لما قدم وفد نجران سنة تسع أو عشر من الهجرة.
الرابع: أن دلائل الكذب على هذا الحديث بيّنة، منها: أنه قال:"لما كان يوم المباهلة وآخى بين المهاجرين والأنصار". والمباهلة كانت لما قدم وفد نجران النصارى، وأنزل الله سورة آل عمران، وكان ذلك في آخر الأمر سنة عشر أو سنة تسع، لم يتقدم على ذلك باتفاق الناس والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يباهل النصارى، لكن دعاهم إلى المباهلة، فاستنظروه حتى يشتوروا، فلما اشتوروا قالوا: هو نبيٌّ، وما باهل قومٌ نبيّاً إلا استؤصلوا، فأقرُّوا له بالجزية، ولم يباهلوا، وهم أول من أقرّ بالجزية من أهل الكتاب، وقد اتفق الناس على أنه لم يكن في ذلك اليوم مؤاخاة.
الخامس: أن المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار كانت في السنة الأولى من الهجرة في دار بني
(1) لم أجد هذا الحديث الموضوع بهذه الألفاظ في كتب الأحاديث الصحيحة أو الموضوعة، وجاءت في كتب الأحاديث الموضوعة عدة أحاديث ذكر فيها أن عليّاً أخ للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم منها ما ذكره ابن تيمية قبل قليل ولكنها بألفاظ مختلفة.
(2) ذكر الهيثمي في"مجمع الزوائد"9/ 111 - 112 حديثاً عن ابن عباس رضي الله عنه في المؤاخاة بين النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وعليّ رضي الله عنه ثم قال:"رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه حامد بن آدم المروزي، وهو كذّاب"ثم ذكر حديثاً آخر عن جابر رضي الله عنه ثم قال:"رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أشعث بن عم الحسن بن صالح وهو ضعيف ولم أعرفه، ويأتي حديث في المؤاخاة بين الصحابة في مناقب جماعة من الصحابة رضي الله عنهم". ثم ذكر حديثاً ثالثاً عن أبي أمامة رضي الله عنه، وقال:"رواه الطبراني من طريق بشر بن عون وهو ضعيف".
(3) في حديث البخاري 5/ 69 (كتاب مناقب الأنصار، باب كيف آخى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بين أصحاب) : وقال عبد الرحمن بن عوف: آخى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بيني وبين سعد بن الربيع لما قدمنا المدينة". وانظر ذلك: سيرة ابن هشام (2/ 150 - 153) ، زاد المعاد (3/ 63 - 65) ."