والخليفة لا يكون خليفة إلا مع مغيب المستخلف أو موته، فالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم إذا كان بالمدينة امتنع أن يكون له خليفة فيها، كما أن سائر من استخلفه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لما رجع انقضت خلافته.
وكذلك سائر ولاة الأمور: إذا استخلف أحدهم على مصره في مغيبه بطل استخلافه ذلك إذا حضر المستخلف.
ولهذا لا يصلح أن يُقال: إن الله يستخلف أحداً عنه، فإنه حيّ قيوم شهيد مدبِّر لعباده، مُنزّه عن الموت والنوم والغَيبة.
ولهذا لما قالوا لأبي بكر: يا خليفة الله. قال: لستُ خليفة الله، بل خليفة رسول الله، وحسبي ذلك.
والله تعالى يوصف بأنه يخلف العبد، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل" [1] ، وقال في حديث الدّجَّال: "والله خليفتي على كل مسلم" [2] .
وكل من وصفه الله بالخلافة في القرآن فهو خليفة عن مخلوق كان قبله.
(1) الحديث بهذا اللفظ هو الجزء الأول من حديث عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه في: سنن الترمذي 5/ 161 (كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا خرج مسافراً) وقال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح"، وهو جزء من حديث آخر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في: سنن الترمذي 5/ 165 (كتاب الدعوات، باب ما جاء فيما يقول إذا ركب دابة) وأول الحديث:"سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون"ثم يقول: اللهم إني أسألك في سفري هذا .... الحديث.
وقال الترمذي:"هذا حديث حسن"، وهذا الحديث الآخر في المسند (ط. المعارف) 9/ 138 - 139، وجاء الجزء الأول من هذه العبارات وهو قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم:"اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل"في أحاديث كثيرة، منها حديث عن ابن عمر في: مسلم 2/ 978 (كتاب الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره) ، المسند (ط. المعارف) 9/ 185. ومنها حديث عن أبي هريرة في: سنن الترمذي 5/ 160 (كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا خرج مسافراً) ، المسند (ط. المعارف) 18/ 21 - 22، (ط. الحلبي) 2/ 433. ومنها حديث عن ابن عباس في: مسند أحمد (ط. المعارف) 4/ 87، 255.
(2) هذه العبارة جاءت ضمن حديث الدجال الذي رواه النواس بن سمعان رضي الله عنه في: مسلم 4/ 2250 - 2251 (كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه) الحديث رقم 110 وجاءت هذه العبارة في 2251، وفي: سنن أبي داود 4/ 166 (كتاب الملاحم، باب خروج الدجال) ، سنن الترمذي 3/ 346 - 349 (كتاب الفتن، باب ما جاء في فتنة الدجال) ، سنن ابن ماجه 2/ 1356 - 1359 (كتاب الفتن، باب فتنة الدجال ... ) ، المسند (ط. الحلبي) 4/ 181 - 182.