الاحتجاج بمثله في أقل مسألة.
الرابع: أن بني عبد المطلب لم يبلغوا أربعين رجلاً حين نزلت هذه الآية، فإنها نزلت بمكة في أول الأمر. ثم ولا بلغو أربعين رجلاً في مدّة حياة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فإن بني عبد المطلب لم يُعقِب منهم باتفاق الناس إلا أربعة: العباس، وأبو طالب، والحارث، وأبو لهب. وجميع ولد عبد المطلب من هؤلاء الأربعة، وهم بنو هاشم، ولم يدرك النبوة من عمومته إلا أربعة: العباس، وحمزة، وأبو طالب، وأبو لهب، فآمن اثنان، وهما حمزة والعباس، وكفر اثنان، أحدهما نصره وأعانه، وهو أبو طالب، والآخر عاداه وأعان أعدائه، وهو أبو لهب.
وأما العمومة وبنو العمومة فأبو طالب كان له أربعة بنين: طالب، وعقيل، وجعفر، وعليّ. وطالب لم يدرك الإسلام، وأدركه الثلاثة، فآمن عليّ وجعفر في أول الإسلام، وهاجر جعفر إلى أرض الحبشة، ثم إلى المدينة عام خيبر.
وكان عقيل قد استولى على رباح بني هاشم لما هاجروا وتصرف فيها، ولهذا لما قيل للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم في حجته:"ننزل غداً في دارك بمكة"قال: "وهل ترك لنا عقيل من دار"؟ [1] .
وأما العباس فبنوه كلهم صغار، إذ لم يكن فيهم بمكة رجل.
وهب أنهم كانوا رجالاً فهم: عبد الله، وعبيد الله، والفضل، وأما قثم فولد بعدهم، وأكبرهم الفضل، وبه كان يُكَنَّى. وعبد الله ولد في الشعب بعد نزول قوله: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] وكان له في الهجرة نحو ثلاث سنين أو أربع سنين، ولم يولد للعباس في حياة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلا الفضل وعبد الله وعُبيد الله، وأما سائرهم فولدوا بعده.
وأما الحارث بن عبد المطلب وأبو لهب فبنوهما أقل، والحارث كان له ابنان: أبو سفيان وربيعة، وكلاهما تأخر إسلامه، وكان من مسلمة الفتح.
وكذلك بنو أبي لهب تأخر إسلامهم إلى زمن الفتح، وكان له ثلاثة ذكور، فأسلم منهم
(1) الحديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما في: البخاري 2/ 147 (كتاب الحج، باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها) ونصه .. أنه قال: يا رسول الله أين ننزل في دارك بمكة؟ فقال:"وهل ترك عقيل من رباع أو دور"؟ وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب، ولم يرثه جعفر ولا عليّ رضي الله عنهما شيئاً، لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين .. إلخ. والحديث في: مسلم 2/ 984 - 985 (كتاب الحج، باب النّزول بمكة للحاج وتوريث دورها) ، سنن ابن ماجه 2/ 912 (كتاب الفرائض، باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك) .