فهرس الكتاب
الصفحة 191 من 363

فإنه لو تناظر فقيهان في فرع من الفروع، لم تقم الحجة على المناظرة إلا بحديث يُعلم أنه مسند إسناداً تقوم به الحجة، أو يصححه من يُرجع إليه في ذلك. فأما إذا لم يُعلم إسناده، ولم يثبته أئمة النقل، فمن أين يُعلم؟ لا سيما في مسائل الأصول التي يُبنى عليها الطعن في سلف الأمة وجمهورها، ويُتوسل بذلك إلى هدم قواعد المسألة، فكيف يقبل في مثل ذلك حديث لا يُعرف إسناده ولا يثبته أئمة النقل ولا يعرف أن عالماً صححه.

الثالث: أن هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث، فما من عالم يعرف الحديث إلا وهو يعلم أنه كذب موضوع، ولهذا لم يروه أحد منهم في الكتب التي يُرجع إليها في المنقولات، لأن أدنى من له معرفة بالحديث يعلم أن هذا كذب.

وقد رواه ابن جرير والبغوي بإسنادٍ فيه عبد الغفار بن القاسم بن فهد، أبو مريم الكوفي [1] وهو مجمع على تركه، كذَّبه سماك بن حرب وأبو داود، وقال أحمد:"ليس بثقةٍ، عامة أحاديثه بواطيل. قال يحيى: ليس بشيء. قال ابن المديني: كان يضع الحديث. وقال النسائي وأبو حاتم: متروك الحديث. وقال ابن حبان البستي: كان عبد الغفار بن قاسم يشرب الخمر حتى يسكر، وهو مع ذلك يقلب الأخبار، لا يجوز الاحتجاج به، وتركه أحمد ويحيى" [2] .

ورواه ابن أبي حاتم، وفي إسناده عبد الله بن عبد القدوس، وهو ليس بثقة. وقال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء رافضي خبيث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ضعيف [3] .

وإسناد الثعلبي أضعف، لأن فيه من لا يعرف، وفيه من الضعفاء والمتهمين من لا يجوز

(1) قال الطبري في تفسيره (ط. بولاق) 19/ 74:"قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، عن علي بن أبي طالب: لما نزلت هذه الآية ... إلخ."

(2) انظر ترجمة أبي مريم عبد الغفار بن القاسم في: ميزان الاعتدال (2/ 640 - 641) ، لسان الميزان (4/ 42 - 43) . وذكر الحديث الموضوع ابن كثير في تفسيره (ط. الشعب) 6/ 180 نقلاً عن الطبري وقال:"تفرد بهذا السياق عبد الغفار بن القاسم أبي مريم، وهو متروك كذّاب شيعي، اتهمه عليّ بن المديني وغيره بوضع الحديث، وضعّفه الأئمة رحمهم الله".

(3) هو عبد الله بن عبد القدوس التميمي الرازي، قال عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (ق 2 م 1 ص 104) :"روى عن الأعمش وعبيد المكتب وعبيد الملك بن عمير وليث بن أبي سليم، وروى عنه سعيد بن سليمان .."وقال الذهبي في"ميزان الاعتدال"2/ 457:"كوفي رافضي، نزل الري، روى عن الأعمش وغيره. قال يحيى: ليس بشيء، رافضي خبيث، وقال النسائي وغيره: ليس بثقة، وقال الدارقطني. وقال أبو معمر: حدثنا عبد الله بن عبد القدوس، وكان خشبياً".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام