مبين، فإنهم لم يجمعوا على هذا ولا نقل الإجماع على هذا أحدٌ من علماء التفسير، ولا علماء الحديث ونحوهم. ونحن نطالبهم بهذا النقل، ومن نقل هذا الإجماع؟
الثاني: أن يُقال: كتب التفسير مملوءة بنقيض هذا. قال ابن مسعود وعكرمة ومجاهد والضّحّاك وغيرهم: هو أبو بكر وعمر. وذكر هذا جماعة من المفسرين، كابن جرير الطبري وغيره.
وقيل: هو أبو بكر، رواه مكحول عن أبي أمامة.
وقيل: عمر، قاله سعيد بن جبير ومجاهد.
وقيل: خيار المؤمنين، قاله الربيع بن أنس.
وقيل: هم الأنبياء، قال قتادة والعلاء بن زياد وسفيان.
وقيل: هو عليّ، حكاه الماوردي، ولم يسم قائله، فلعله بعض الشيعة [1] .
الثالث: أن يُقال: لم يثبت هذا القول بتخصيص عليّ به عمّن قوله حجة. والحديث المذكور كذب موضوع، وهو لم يذكر دلالة على صحته. ومجرد رواية أبي نُعيم له لا تدل على الصحة.
الرابع: أن يُقال: قوله: (وصالح المؤمنين) اسم يعم كل صالح من المؤمنين، كما في الصحيحين عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال:"إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالح المؤمنين".
الخامس: أن يُقال: إن الله جعل في هذه الآية صالح المؤمنين مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كما أخبر أن الله مولاه، والمولى يمنع أن يُراد به الموالي عليه، فلم يبق المراد به إلا الموالي ومن المعلوم أن كل من كان صالحاً من المؤمنين كان موالياً للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم قطعاً، فإنه لو لم يواله لم يكن من صالح المؤمنين، بل قد يواليه المؤمن وإن لم يكن صالحاً، لكن لا تكون موالاة كاملة. وأما الصالح فيواليه موالاة كاملة؛ فإنه إذا كان صالحاً أحبَّ ما أحبه الله ورسوله،
(1) ذكر هذه الأقوال الستة ابن الجوزي في"زاد المسير"8/ 310 - 311. وفي تفسير الطبري 28/ 105 (ط. بولاق) ذكر بعض هذه الأقوال. وفي تفسير ابن كثير (8/ 192) : وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة ومقاتل بن حيان والضحّاك وغيرهم (وصالح المؤمنين) : أبو بكر وعمر، زاد الحسن البصري: وعثمان. وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد: (وصالح المؤمنين) : قال: علي بن أبي طالب. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عليّ بن الحسين، حدثنا محمد بن أبي عمر، حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين قال: أخبرني رجل ثقة يرفعه إلى عليّ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: قوله: (وصالح المؤمنين) قال: هو عليّ بن أبي طالب"إسناده ضعيف، وهو منكر جداً".