ما اتفق أهل العلم على أنه كذب موضوع، رواه القطيعي عن [1] عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، حدثنا حسين بن محمد الذارع، حدثنا عبد المؤمن بن عباد، حدثنا يزيد بن معن، عن عبد الله بن شرحبيل، عن زيد بن أبي أوفى [2] .
وهذا الرافضي لم يذكره بتمامه فإن فيه عند قوله: وأنت أخي ووارثي. قال: وما أرث منك يا رسول الله؟ قال: ما ورَّث الأنبياء من قبلي. قال: وما ورث الأنبياء من قبلك؟ قال: كتاب الله وسنةنبيهم [3] .
وهذا الإسناد مظلم انفرد به عبد المؤمن بن عباد أحد المجروحين، ضعّفه أبو حاتم [4] عن يزيد بن معن، ولا يدري من هو، فلعله الذي اختلقه عن عبد الله بن شرحبيل، وهو مجهول، عن رجل من قريش، عن زيد بن أبي أوفى.
الوجه الثاني: أن هذا مكذوب مفترى باتفاق أهل المعرفة.
الثالث: أن أحاديث المؤاخاة بين المهاجرين بعضهم من بعض، والأنصار بعضهم مع بعض، كلها كذب. والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يؤاخ عليّاً، ولا آخى بين أبي بكر وعمر، ولا بين مهاجرين ومهاجرين، لكن آخى بين المهاجرين والأنصار، كما آخى بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، وبين سلمان الفارسي وأبي الدرداء، وبين عليّ وسهل بن حنيف.
وكانت المؤاخاة في دور بني النّجّار، كما أخبر بذلك أنس في الحديث الصحيح، لم تكن في مسجد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، كما ذكر في الحديث الموضوع، وإنما كانت في دار كان لبعض بني النّجّار، وبناه في محلتهم. فالمؤاخاة التي أخبر بها أنس ما في الصحيحين عن عاصم بن سليمان الأحول، قال: قلت لأنس: أبلغت أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال:"لا حلف في الإسلام". فقال أنس: قد حالف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بين قريش والأنصار في
(1) الحديث في"فضائل الصحابة"2/ 638 - 639 (رقم 1085) .
(2) تكلم محقق كتاب"فضائل الصحابة"على هذا المسند 1/ 525 (الحديث رقم 871) ، ثم قال عند التعليق على هذا الحديث:"إسناده ضعيف لأجل عبد المؤمن بن عباد"وذكر قبل ذلك 1/ 525:"وفيه عبد المؤمن بن عباد العبدي، ضعفه أبو حاتم، وقال البخاري: لا يتابع على حديثه، ذكره الساجي وابن الجارود في الضعفاء، وذكره ابن حبان في الثقات. التاريخ الكبير (3/ 2/117) ، الديوان (ص 202) ، الميزان (2/ 670) ، اللسان (4/ 76) ."
(3) انظر فضائل الصحابة 2/ 639.
(4) ترجمة عبد المؤمن بن عباد في"الجرح والتعديل"م 3 ق 1 ص 66 وقال عنه أبو حاتم"ضعيف الحديث".