وشهيدان". ورواه الإمام أحمد عن يحيى بن سعيد عن قتادة عن أنس [1] . وفي رواية"ارتج بهم أحد" [2] .
وفي الصحيح عن ابن مسعود عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البرّ، والبرّ يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صدِّيقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرّى الكذب حتى يُكتب عند الله كذَّاباً" [3] .
الوجه الرابع: أن الله تعالى قد سمَّى مريم صدِّيقة، فكيف يقال: الصديقون ثلاثة؟!
الوجه الخامس: أن قول القائل: الصديقون ثلاثة، إن أرَاد به أنه لا صدّيق إلا هؤلاء، فإنه كذب مخالف للكتاب والسنة وإجماع المسلمين. وإن أراد أن الكامل في الصّدِّيقية هم الثلاثة، فهو أيضاً خطأ، لأن أمتنا خير أمة أخرجت للناس، فكيف يكون المصدِّق بموسى ورسل عيسى أفضل من المصدِّقين بمحمد؟!
والله تعالى لم يسمّ مؤمن آل فرعون صدِّيقاً، ولا يُسمَّى صاحب آل ياسين صدِّيقاً، ولكنهم صدِّقوا بالرسل. والمصدِّقون بمحمد صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل منهم.
وقد سمّى الله الأنبياء صدّيقين في مثل قوله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا} [مريم: 41] ، {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا} [مريم: 56] وقوله عن يوسف: {أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} [يوسف:46] .
(1) في: المسند (ط. الحلبي) 3/ 112 وفيه: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا شعبة، حدثنا قتادة أن أنس بن مالك .. وحديث أنس في: البخاري 5/ 15 (كتاب فضائل أصحاب النبي، باب فضائل عثمان .. ) وفيه"أحد"بدلاً من"حراء". وقد تكلم الألباني كلاماً مفصلاً على الحديث وألفاظه ورواياته في"سلسلة الأحاديث الصحية"2/ 45 - 458 (حديث رقم 875) .
(2) هذه الرواية في: المسند (ط. الحلبي) 5/ 331.
(3) الحديث - بألفاظ متقاربة - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في: البخاري 8/ 25 (كتاب الأدب، باب قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} ، مسلم 4/ 2013(كتاب البر، باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله) ، سنن الترمذي 3/ 224 - 225 (كتاب البر باب ما جاء في الصدق والكذب) ، سنن أبي داود 4/ 407 (كتاب الأدب، باب التشديد في الكذب) وأوله: إياكم والكذب ....
وجاء الحديث مع اختلاف في الألفاظ في: سنن ابن ماجه 1/ 18 (المقدمة، باب اجتناب البدع والجدل) ، سنن الدارمي 2/ 299 - 300 (كتاب الرقاق، باب في الكذب) ، المسند (ط. المعارف) 5/ 231، 275، 343. وفي عدة مواضع في الجزء السادس منه.