على خلقته الأولى لا ينقص منها شيء. وقوله:"ألا إن أول الناس يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام"هذا يدل على أن الناس كلهم - الأنبياء وغيرهم - يحشروان عراة كما قال في الحديث، وأن أهل السعادة يكسون من ثياب الجنة، لا شك في أن من كسي من ثياب الجنة فقد لبس جبة تقيه مكاره الحشر وعرقه وحرَّ الشمس والنار وغير ذلك" (1) ."
قال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) } (2) .
اختلف العلماء في المراد بالتبديل في هذه الآية هل هو بتغيير ذاتها وصفاتها أو بتغيير صفاتها فقط؟
قال القرطبي، عن هذه الآية مبينًا رأيه في هذه المسألة:"هذا يدل على أن معنى التبديل: إزالة هذه الأرض والإتيان بأرض أخرى لا كما قاله كثير من الناس: أنها تبدل صفاتها وأحوالها فتسوى آكامها وتغير صفاتها وتمد مد الأديم. ولو كان هذا لما أشكل كون الناس فيها عند تبديلها ولما جمعوا على الصراط حينئذ، وقد دل على صحة الظاهر المتقدم حديث عائشة إذ سألت عن هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال مجيبًا لها:"على الصراط" (3) والأرض المبدلة هي الأرض التي ذكرها في حديث سهل بن سعد حيث قال:"يحشر الناس على أرض بيضاء عفراء، ليس فيها علم لأحد" (4) وهذا"
(1) المفهم (7/ 152) .
(2) سورة إبراهيم، الآية: 48.
(3) رواه مسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب في البعث والنشور وصفة الأرض يوم القيامة ح 2791 (17/ 140) .
(4) رواه البخاري في كتاب الرقاق، باب يقبض الله الأرض يوم القيامة ح 6521 (11/ 379) ، =