فهرس الكتاب
الصفحة 448 من 823

صفة الكلام من أكثر الصفات التي وقع فيها النزاع والجدل، وابتلي بسببها عدد من أئمة الإسلام إذ ثبتوا على الحق فيها، وما حادوا عن الصواب، فواجهوا بسبب ذلك ما كان سببًا في رفع درجاتهم، وإعلاء مكانتهم، واختلف الناس في هذه الصفة على أقوال، منها:

-ما ذهب إليه المعتزلة والجهمية من أن معنى كون الله تعالى متكلمًا أنه خلق الكلام في غيره، وليس الكلام صفة قائمة به (1) .

-وأما الكلابية والأشاعرة، فأثبتوا صفة الكلام لله عز وجل، وأن كلامه قائم بذاته أزلًا وأبدًا، لا يتعلق بمشيئته وقدرته، وقالوا: إن ذلك الكلام معنى واحد في الأزل هو الأمر بكل مأمور، والنهي عن كل محظور، والخبر عن كل مخبر عنه، فإن عبَّر عنه بالعربية كان قرآنًا، وإن عبَّر عنه بالعبرانية كان توراة، وإن عبَّر عنه بالسريانية كان إنجيلًا (2) . فجعلوا صفة الكلام صفة ذاتية لله تعالى، وليست فعلية؛ لأن الله تعالى - بزعمهم - ليس له فعل قائم به، وإنما فعله مفعوله، والمفعول منفصل عنه، وكلام الله ليس منفصلًا عنه (3) .

-وأمَّا أهل السنة، فأثبتوا صفة الكلام صفة ذاتية لله تعالى، وفعلية، بمعنى أنه باعتبار أصله صفة ذاتية؛ لأنه تعالى لم يزل ولا يزال متكلمًا، وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية؛ لأن الكلام يتعلق بمشيئته وقدرته (4) .

(1) انظر: مقالات الإسلاميين (1/ 233، 267) .

(2) انظر: الفتاوى لابن تيمية (12/ 583) .

(3) انظر: الإنصاف للباقلاني ص (71) والتبصير في الدين للأسفرابيني ص (101) .

(4) انظر: القواعد المثلى للشيخ محمد العثيمين ص (25) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام