فهرس الكتاب
الصفحة 764 من 823

هذه المسألة هي مما وقع فيها الاختلاف بين العلماء، إذ قال بعض العلماء بإثبات سماع الموتى، واستدلوا على ذلك بتكليم الرسول - صلى الله عليه وسلم - للقتلى من المشركين الذين رموا في القليب يوم بدر، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه:"ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" (1) ، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - عن الميت بعد دفنه:"إنه ليسمع قرع نعالهم" (2) وبأمثالهما من الأحاديث المثبتة لذلك.

قال الشنقيطي - رحمه الله:"النصوص الصحيحة عنه - صلى الله عليه وسلم - في سماع الموتى لم يثبت في الكتاب ولا في السنة شيء يخالفها" (3) . وقد ذهب إلى هذا القول عدد من العلماء منهم ابن عبد البر، وابن كثير، وابن القيم، وابن رجب وغيرهم (4) .

وذهب آخرون منهم عائشة - رضي الله عنها - إلى إنكار ذلك والاعتراض عليه بقوله تعالى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} (5) وقوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (6) .

والقرطبي - رحمه الله - أخذ بالقول الأول، وأثبت أنه لا تعارض

(1) رواه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر ح 1370 (3/ 274) ، ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه ح 932 (6/ 488) .

(2) سبق تخريجه ص (804) .

(3) أضواء البيان (6/ 129) .

(4) انظر: زاد المعاد لابن القيم (3/ 685) . وأضواء البيان للشنقيطي (6/ 124 - 142) ، وأهوال القبور لابن رجب ص (86) .

(5) سورة النمل، الآية: 80.

(6) سورة فاطر، الآية: 22.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام