وقال الشنقيطي:"رؤية الله جل وعلا بالأبصار جائزة عقلًا في الدنيا والآخرة، ومن أعظم الأدلة على جوازها عقلًا في دار الدنيا: قول موسى {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْك} (1) لأن موسى لا يخفى عليه الجائز والمستحيل في حق الله تعالى، وأما شرعًا فهي جائزة وواقعة في الآخرة كما دلَّت عليه الآيات، وتواترت به الأحاديث الصحاح، وأما في الدنيا: فممنوعة شرعًا كما تدل علية آية الأعراف هذه، وحديث:"إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا" (2) " (3) .
مع اتفاق أهل السنة على عدم رؤية الله تعالى في الدنيا فقد اختلفوا في الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقط، هل رأى ربه ليلة الإسراء أم لا؟ لمجيء الأحاديث في ذلك. ومذهب العلماء في هذه المسألة كالتالي:
الأول: الإثبات، وهو مروي عن ابن عباس، وأبي ذر وكعب الأحبار رضي الله عنهم، وغيرهم من التابعين والعلماء المتأخرين. واستدلوا بالأحاديث المثبتة لرؤية الرسول - صلى الله عليه وسلم - لربه وهي مطلقة لم تقيد الرؤية بالعين.
الثاني: النفي: أي: نفي رؤية الرسول - صلى الله عليه وسلم - لربه في الدنيا بعيني رأسه، وهذا القول مشهور عن عائشة وابن مسعود، وهو المشهور عن أبي هريرة، وأبي ذر - رضي الله عنهم - وقال به جماعة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين. قالت عائشة - رضي الله عنها:"من زعم أن محمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية" (4) . وعندما سئل - صلى الله عليه وسلم - هل رأى ربه؟ قال:
(1) سورة الأعراف، آية: 143.
(2) سبق تخريجه ص (620) .
(3) أضواء البيان (2/ 40) .
(4) رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى ح (177) (3/ 10) .