-صلى الله عليه وسلم -" (1) ."
وعند شرحه لقوله - صلى الله عليه وسلم:"إذا قال الرجلُ هلَكَ الناسُ فهو أهلكهم" (2) . قال:"قد يغلب على القائل رأي الخوارج فيهلك الناس بالخروج عليهم، ويشق عصاهم بالقتال وغير ذلك كما فعلت الخوارج، فيكون قد أهلكهم حقيقة وحسًا" (3) .
بيَّن القرطبي أن خروج الخوارج على المسلمين لم يكن طلبًا لدنيا ولا حثا في رياسة، ولكنهم جهلوا الأحكام، فخالفوا أئمة الإسلام.
قال القرطبي:"حملهم على الخروج الغيرة للدين لا شيء من العصبية والملك، لكنهم أخطأوا التأويل، وحرَّفوا التنزيل" (4) .
لكنهم لا يعذرون على فعلهم هذا، إذ ليس محلًا للاجتهاد، وهم ليسوا من أهله.
قال القرطبي وهو يتحدث عن عدم لوم من اجتهد في أمر يسوغ فيه الاجتهاد، فأخطأ؛ لأن هذه الأمور اجتهادية، وليس فيها نصوص قطعية، حيث قال مستثنيًا هؤلاء:"ويستثنى من ذلك قتلة عثمان، فإنه لم يرتكب ما يوجب خلعه، ولا قتله، والخوارج على عليّ والمسلمين، فإنهم حكموا بكفر الجميع، فهاتان الطائفتان مخطئتان قطعًا" (5) .
(1) المفهم (3/ 114، 115) .
(2) رواه مسلم في كتاب البر والصلة، باب النهي من قول هلك الناس ح (2623) (16/ 413) .
(3) المفهم (6/ 609) .
(4) المفهم (4/ 60) .
(5) المفهم (6/ 620) .