فهرس الكتاب
الصفحة 375 من 823

المطلب الثالث: معنى الإحصاء المذكور:

لا شك أن العلم بأسماء الله -سبحانه وتعالى- وإحصاءها أصل لسائر العلوم، فمن أحصى أسماء الله كما ينبغي للمخلوق، فقد أحصى جميع العلوم إذ إحصاء أسمائه سبحانه أصل لإحصاء كل معلوم؛ لأن المعلومات هي مقتضاها ومرتبطة بها (1) .

ولذا اختلفت عبارات العلماء في تحديد معنى الإحصاء الوارد في الحديث، والذي جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- جزاءه الجنة، وقد قال القرطبي في بيانه لمعنى الإحصاء الوارد في الحديث:"الإحصاء في الكلام على ثلاث مراتب، أولها: العدد، ومنه قوله تعالى: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28) } (2) والثانية: بمعنى الفهم، ومنه يقال: رجل ذو حصاة أي: ذو لب وفهم، ومنه سمي العقل حصاة، قال كعب بن سعد الغنوي (3) :"

وأن لسان المرءِ ما لم تكُن له ... حصاةُ على عوراتِهِ لدليلُ (4)

والثَّالثة: بمعنى الإطاقة على العمل والقوة، ومنه قوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} (5) أي: لن تطيقوا العمل بذلك، والمرجو من كرم الله تعالى أن من حصل له إحصاء هذه الأسماء على إحدى هذه المراتب مع صحة النية أن يدخله الله الجنة، لكن المرتبة الأولى: هي مرتبة أصحاب

(1) أسماء الله الحسنى لعبد الله بن صالح الغصن ص (115) .

(2) سورة الجن، الآية: 28.

(3) كعب بن سعد بن عمرو الغنوي شاعر جاهلي أشهر شعره بائيته في رثاء أخ له قتل في حرب ذي قار. الأعلام (5/ 227) . كشف الظنون (1/ 808) .

(4) البيت لطرفة بن العبد البكري الشاعر الجاهلي أحد شعراء المعلقات وليس كما ذكر القرطبي. انظر ديوان طرفة بن العبد ص (81) .

(5) سورة المزمل، الآية: 20.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام