قال القرطبي في تعريف الشفاعة:"الشفاعة أصلها؛ الضم والجمع، ومنه ناقة شفوع، إذا جمعت بين حلبتين في حلبة واحدة، وناقة شافع، إذا اجتمع لها حمل وولد يتبعها والشفع ضم واحد إلى واحد، والشفعة: ضم ملك الشريك إلى ملكك. فالشفاعة إذن: ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك، فهي على التحقيق: إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفع وإيصال منفعة إلى المشفوع" (1) .
وقد دلَّ الكتاب والسنة على وقوع الشفاعة يوم القيامة بشرطين:
الأول: أن تكون بعد إذن الله تعالى للشافع.
الثاني: أن يرضى الله تعالى عن المشفوع له.
قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (2) وقال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} (3) .
والأحاديث فيها كثيرة، منها حديث الشفاعة العامة الطويل الذي سبق تخريجه عند الحديث عن خصائص الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم:"أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع" (4) .
ولم ينكرها إلَّا الخوارج والمعتزلة بناء على مذهبهم في مرتكب
(1) المفهم (1/ 428) .
(2) سورة البقرة، الآية: 255.
(3) سورة الأنبياء، الآية: 28.
(4) سبق تخريجه ص (645) .