سواه من الأنبياء والمرسلين، كما جاءت بذلك النصوص، فقد قال شارح الطحاوية:"الجواب أن هذا كان له سبب، فإنه كان قد قال يهودي: لا والذي اصطفى موسى على البشر، فلطمه مسلم، وقال: أتقول هذا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا! فجاء اليهودي فاشتكى من المسلم الذي لطمه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا لأن التفضيل إذا كان على وجه الحمية والعصبية وهوى النفس كان مذمومًا، فإن الله حرَّم الفخر، وقد قال تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} (1) وقال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} (2) . فعلم أن المذموم إنما هو التفضيل على وجه الفخر أو على وجه الانتقاص بالمفضول، وعلى هذا يحمل قوله - صلى الله عليه وسلم:"لا تفضلوا بين الأنبياء" (3) ."
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"إذا كان التفضيل على وجه الغض من المفضول في النقص له نهي عن ذلك، كما نهى في هذا الحديث عن تفضيل موسى، وكما قال لمن قال يا خير البرية قال:"ذاك إبراهيم"وصح قوله:"أنا سيد ولد آدم ولا فخر، آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة ولا فخر" (4) " (5) .
المطلب الرابع: نبوة الخضر وحياته:
اختلف في الخضر، هل هو نبي أو رسول أو ولي؟ كما قال الراجز:
(1) سورة الإسراء، الآية: 55.
(2) سورة البقرة، الآية: 253.
(3) شرح الطحاوية (1/ 159) .
(4) رواه الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب 18، وابن ماجه في سننه في كتاب الزهد، باب (18) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 309) ح (1468) .
(5) منهاج السنة لابن تيمية (7/ 256) .