سبيله" [1] ."
"وقال آخرون: عنى [2] بذلك كل شار نفسه في طاعة الله وجهاد في سبيل الله، وأمر [3] بمعروف".
ونسب هذا القول إلى عمر بل وابن عباس، وأن صهيباً كان سبب النزول [4] .
الثامن: أن لفظ الآية مطلق، ليس فيه تخصيص. فكل من باع نفسه ابتغاء مرضات الله فقد دخل فيها. وأحق من دخل فيها النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وصدّيقه، فإنهما شربا نفسهما ابتغاء مرضات الله، وهاجرا في سبيل الله، والعدو يطلبهما من كل وجه.
التاسع: أن قوله:"هذه فضيلة لم تحصل لغيره فدل على أفضليته فيكون هو الإمام".
فيقال: لا ريب أن الفضيلة التي حصلت لأبي بكر في الهجرة لم تحصل لغيره من الصحابة بالكتاب والسنة والإجماع، فتكون هذه الأفضلية ثابتة له دون عمر وعثمان وعليّ وغيرهم من الصحابة فيكون هو الإمام.
فهذا هو الدليل الصدق الذي لا كذب فيه. يقول الله: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] .
ومثل هذه الفضيلة لم تحصل لغير أبي بكر قطعاً، بخلاف الوقاية بالنفس، فإنها لو كانت صحيحة فغير واحد من الصحابة وقى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بنفسه. وهذا واجب على كل مؤمن، ليس من الفضائل المختصة بالأكابر من الصحابة.
والأفضلية إنما تثبت بالخصائص لا بالمشتركات. يبيّن ذلك أنه لم ينقل أحدٌ أن عليّاً أوذي في مبيته على فراش النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد أوذي غيره في وقايتهم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: تارة بالضرب، وتارة بالجرح، وتارة بالقتل. فمن فداه وأوذي أعظم ممن فداه ولم يؤذ.
وقد قال العلماء: ما صح لعليّ من الفضائل فهي مشتركة، شاركه فيها غيره، بخلاف
(1) ترك ابن تيمية تسعة أسطر من تفسير الطبري بعد كلمة"سبيله".
(2) تفسير الطبري: بل عنى ...
(3) تفسير الطبري: أو أمر.
(4) انظر تفسير الطبري (4/ 250 - 251) .