فهرس الكتاب
الصفحة 51 من 363

والحسن والحسين فدخلوا جلسوا يأكلون من تلك الحريرة، وهو وهم على منام له علي، وكان تحته كساء خَيْبَري. قالت: وأنا في الحجرة أصلّي، فأنزل الله تعالى هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} .

قالت: فأخذ فضل الكساء وكساهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء، وقال: هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. وكرّر ذلك. قالت: فأدخلت رأسي وقلت: وأنا معهم يا رسول الله قال: إنك إلى خير.

وفي هذه الآية دلالة على العصمة، مع التأكيد بلفظة:"إنما"وإدخال اللام في الخبر، والاختصاص في الخطاب بقوله:"أهل البيت"والتكرير بقوله:"ويطهّركم"والتأكيد بقوله:"تطهيراً". وغيرهم ليس بمعصوم، فتكون الإمامة في عليّ، ولأنه ادّعاها في عدة من أقواله، كقوله: والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة، وهو يعلم أن محلّي منها محل القطب من الرحى. وقد ثبت نفي الرجس عنه، فيكون صادقاً، فيكون هو الإمام"."

والجواب: أن هذا الحديث صحيح في الجملة؛ فإنه قد ثبت عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال لعليّ وفاطمة وحسن وحسين:"اللهم إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنه الرجل وطهّرهم تطهيراً".

وروى ذلك مسلم عن عائشة قالت: خرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم غداةً وعليه مرط مرحّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه، ثم جاء عليّ فأدخله، ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [1] . وهو مشهور من رواية أم سلمة من رواية أحمد والترمذي [2] ، لكن ليس في هذا دلالة على عصمتهم ولا إمامتهم.

وتحقيق ذلك في مقامين أحدهما: أن قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ، كقوله: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6] ، وكقوله: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] ، وكقوله: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ

(1) الحديث عن عائشة رضي الله عنها في مسلم 4/ 1883 (كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أهل بيت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم) .

(2) الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها في: سنن الترمذي 5/ 30 (كتاب التفسير، سورة الأحزاب) ، 5/ 328 (كتاب المناقب، باب مناقب أهل بيت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم) ، المسند (ط. الحلبي) 6/ 293، 298، 304. وهو جزء من حديث مطول عن ابن عباس في المسند (ط. المعارف) 5/ 25 - 27.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام