كأبي نعيم وأمثاله، ولا هو أيضاً من جامعي العلم الذي يذكرون ما غالبه حق وبعضه باطل، كالثعلبي وأمثاله، بل هذا لم يكن الحديث من صنعته، فعمد إلى ما وجده من كتب الناس من فضائل عليّ فجمعها، كما فعل أخطب خوارزم، وكلاهما لا يعرف الحديث، وكل منهما يروي فيما جمعه من الأكاذيب الموضوعة، ما لا يخفى أنه كذب على أقل علماء النقل والحديث.
ولسنا نعلم أن أحدهما يتعمد الكذب فيما ينقله، لكن الذي تيقّناه أن الأحاديث التي يروونها فيها ما هو كذب كثير باتفاق أهل العلم، وما قد كذبه الناس قبلهم، وهما - وأمثالهما - قد يروون ذلك ولا يعلمون أنه كذب، وقد يعلمون أنه كذب. فلا أدري هل كانا من أهل العلم بأن هذا كذب؟ أو كانا مما لا يعلمان ذلك؟.
وهذا الحديث ذكره الشيخ أبو الفرج في"الموضوعات" [1] لكن بسياق آخر [2] ، من حديث محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: لما عرج بالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلى المساء السابعة، وأراه الله من العجائب في كل سماء فلما أصبح جعل يحدِّث الناس عن عجائب ربّه [3] ، فكذَّبه من أهل مكة من كذّبه، وصدّقه من صدّقه، فعند ذلك انقضّ نجم من السماء، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: في دار من وقع هذا النجم [4] فهو خليفتي من بعدي، فطلبوا [5] ذلك النجم فوجوده في دار عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. فقال أهل مكة: ضلّ محمد وغوى، وهوى أهل بيته [6] ومال إلى ابن عمّه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فعند ذلك نزلت هذه السورة: {وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى} [7] [النجم: 1 - 2] .
قال أبو الفرج [8] :"هذا حديث موضوع لا شك فيه، وما أبرد الذي وضعه، وما أبعد ما"
قال أبو عبد الرحمن: انظر: ميزان الاعتدال (2/ 45) ، لسان الميزان (2/ 449) ، اللآلئ للسيوطي (1/ 357 - 358) .
(2) ذكر ابن الجوزي سياقاً طويلاً يبدأ بقوله: حدثت عن عبد الله بن الحسين .. إلخ.
(3) الموضوعات: من عجائب ربّه.
(4) هذا النجم: زيادة من"الموضوعات".
(5) الموضوعات: قال: فطلبوا ...
(6) الموضوعات: وهوى إلى أهل بيته.
(7) الموضوعات: وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.
(8) بعد كلامه السابق مباشرة.