فهرس الكتاب
الصفحة 304 من 363

عليّ فقال: يا جويرية إن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يوحى إليه ورأسه في حجري، وذكره ..

قلت: وهذا الإسناد أضعف مما تقدم، وفيه من الرجال المجاهيل الذين لا يُعرف أحدهم بعدالة ولا ضبط. وانفرادهم بمثل هذا الذي لو كان عليّ قاله لرواه عنه المعروفون من أصحابه، وبمثل هذا الإسناد عن هذه المرأة - ولا يُعرف حال هذه المرأة، ولا حال هؤلاء الذين رووا عنها، بل ولا تُعرف أعيانهم، فضلاً عن صفاتهم - لا يثبت فيه شيء، وفيه ما يناقض الرواية التي هي أرجح منه، مع أن الجميع كذب، فإن المسلمين رووا من فضائل عليّ ومعجزات النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ما هو دون هذا، وهذا لم يروه أحدٌ من أهل العلم بالحديث.

وقد صنف جماعة من علماء الحديث في فضائل عليّ، كما صنف الإمام أحمد فضائله، وصنف أبو نُعيم في فضائله، وذكر فيها أحاديث كثيرة ضعيفة، ولم يذكر هذا، لأن الكذب ظاهر عليه، بخلاف غيره. وكذلك لم يذكره الترمذي، مع أنه جمع في فضائل عليّ أحاديث، كثير منها ضعيف. وكذلك النسائي وأبو عمر بن عبد البر. وجمع النسائي مصنفاً في خصائص عليّ.

قال المصنف: وقد حكى أبو جعفر الطحاوي [1] عن عليّ بن عبد الرحمن، عن أحمد بن صالح المصري، أنه كان يقول [2] : لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء في رد الشمس، لأنه من علامات النبوة [3] .

قلت: أحمد بن صالح رواه من الطريق الأول، ولم يجمع طرقه وألفاظه التي تدل من وجوه كثيرة على أنه كذب. وتلك الطريق راويها مجهول عنده، ليس معلوم الكذب عنده، فلم يظهر له كذبه.

والطحاوي ليست عادته نقد الحديث كنقد أهل العلم. ولهذا روى في"شرح معاني الآثار"الأحاديث المختلفة، وإنما يرجح ما يرجحه منها في الغالب من جهة القياس الذي

(1) في كتابه"مشكل الآثار"2/ 11، ط. حيدر آباد الدكن، 1333.

(2) مشكل الآثار: وقد حكى عليّ بن عبد الرحمن بن المغيرة، عن أحمد بن صالح أنه كان يقول ...

(3) مشكل الآثار: عن حفظ حديث أسماء الذي روى لنا عنه لأنه من أجل علامات النبوة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام