فهرس الكتاب
الصفحة 301 من 363

سألت عبد الله بن حسن بن حسن بن عليّ عن حديث رد الشمس على عليّ: هل ثبت عندكم؟ فقال لي: ما أنزل الله في عليّ في كتابه أعظم من رد الشمس. قلت: صدقت جعلني الله فداك، ولكني أحب أن أسمعه منك. قال: حدثني عبد الله حدثني أبي الحسن، عن أسماء بنت عميس أنها قالت: أقبل عليٌّ ذات يوم وهو يريد أن يصلي العصر مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فوافق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وقد انصرف ونزل عليه الوحي، فأسنده إلى صدره، فلم يزل مسنده إلى صدره حتى أفاق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: أصليت العصر يا عليّ؟ قال: جئت والوحي ينزل عليك، فلم أزل مسندك إلى صدري حتى الساعة. فاستقبل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم القبلة وقد غربت الشمس، فقال: اللهم إن عليّاً كان في طاعتك فارددها عليه. قالت أسماء: فأقبلت الشمس ولها صرير كصرير الوحي حتى ركدت في موضعها وقت العصر، فقام عليّ متمكناً فصلّى العصر، فلما فرغ رجعت الشمس ولها صرير كصرير الرحى فلما غابت الشمس اخلط الظلام، وبدت النجوم.

قلت: فهذا اللفظ الخامس يناقض تلك الألفاظ المتناقضة، ويزيد الناظر بياناً في أنها مكذوبة مختلقة، فإنه ذكر فيها أنها رُدّت إلى موضعها وقت العصر، وفي الذي قبله: إلى نصف النهار، وفي الآخر: حتى ظهرت على رؤوس الجبال، وفي هذا أنه كان مسنده إلى صدره، وفي ذاك أنه كان رأسه في حجره.

وعبد الله بن الحسن لم يحدث بهذا قط، وهو كان أجلّ قدراً من أن يروي مثل هذا الكذب، ولا أبوه الحسن روى هذا عن أسماء. وفيه: ما أنزل الله في عليّ في كتابه أعظم من رد الشمس شيئاً. ومعلوم أن الله لم ينزل في عليّ ولا غيره في كتابه في ردّ الشمس شيئاً.

وهذا الحديث، إن كان ثابتاً عن عمرو بن ثابت، الذي رواه عن عبد الله [1] ، فهو الذي اختلقه، فإنه كان معروفاً بالكذب. قال أبو حاتم بن حِبان: يروي الموضوعات عن الأثبات. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال مَرَّةً: ليس بثقة ولا مأمون. وقال

(1) كلام ابن تيمية يدل على أن السند الأخير للحديث يبدأ هكذا: حدثني عمرو بن ثابت حدثني عبد الله حدثني أبي الحسن ... إلخ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام