فهرس الكتاب
الصفحة 30 من 363

السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله، وأنزل الله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ، لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ، مِّنَ اللَّهِ} [المعارج: 1 - 3] . وقد روى هذه الرواية النقَّاش [1] من علماء الجمهور في تفسيره"."

والجواب من وجوه: أحدها: أن هذا أعظم كذباً وفرية من الأول، كما سنبيّنه إن شاء الله تعالى. وقوله:"اتفقوا على نزولها في عليّ"أعظم كذباً مما قاله في تلك الآية. فلم يقل لا هذا ولا ذاك أحد من العلماء الذين يدرون ما يقولون.

وأما ما يرويه أبو نُعيم في"الحلية"أو في"فضائل الخلفاء"والنقَّاش والثعلبي والواحدي ونحوهم في التفسير، فقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن فيما يروونه كثيراً من الكذب الموضوع، واتفقوا على أن هذا الحديث المذكور الذي رواه الثعلبي في تفسيره هو من الموضوع، وسنبين أدلة يُعرف بها أنه موضوع، وليس الثعلبي من أهل العلم بالحديث.

ولكن المقصود هنا أنّا نذكر قاعدة فنقول: المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب، والمرجع في التمييز بين هذا وهذا إلى أهل علم الحديث، كما نرجع إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب ونحو غير العرب، ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة، وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك، فلكل علم رجال يُعرفون به، والعلماء بالحديث أجلُّ هؤلاء قدراً، وأعظمهم صدقاً، وأعلاهم منزلة، وأكثر ديناً.

وهم من أعظم الناس صدقاً وأمانة، وعلماً وخبرة، فيما يذكرونه من الجرح والتعديل، مثل مالك، وشعبة، وسفيان، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وابن المبارك، ووكيع، واشافعي، وأحمد، وإسحاق بن راهويه، وأبي عُبيد، وابن معين، وابن المديني، والبخاري،

(1) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي، قال عنه الخطيب البغدادي في تاريخه (2/ 201) : وكان عالماً بحروف القرآن، حافظاً للتفسير، صنّف فيه كتاباً سمّاه"شفاء الصدور"، وله تصانيف في القراءات وغيرها من العلوم.

وقال أيضاً (2/ 202) : في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة.

وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (15/ 576) : قد اعتمد الدّاني في"التيسير"على رواياته للقراءات. فالله أعلم، فإن قلبي لا يسكن إليه، وهو عندي متهم، عفا الله عنه.

وانظر ترجمته في:

وفيات الأعيان (4/ 298) ، تذكرة الحفاظ (3/ 908) ، ميزان الاعتدال (3/ 520) ، الوافي بالوفيات (2/ 345) ، البداية والنهاية (11/ 242) ، لسان الميزان (5/ 132) ، شذرات الذهب (3/ 8) . (م) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام