فهرس الكتاب
الصفحة 293 من 363

عليه وسلَّم، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم فاتته العصر يوم الخندق حتى غربت الشمس، ثم صلاّها، ولم ترد عليه الشمس، وكذلك لم ترد لسليمان لما توارت بالحجاب.

وقد نام النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ومعه عليّ وسائر الصحابة عن الفجر حتى طلعت الشمس، ولم ترجع لهم إلى الشرق.

وإن كان التفويت محرّماً، فتفويت العصر من الكبائر. وقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم:"من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِر أهله وماله" [1] .

وعليّ كان يعلم أنها الوسطى، وهي صلاة العصر. وهو قد روي عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الصحيحين لما قال:"شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر، حتى غربت الشمس، ملأ الله أجوافهم وبيوتهم ناراً" [2] وهذا كان في الخندق، وخيبر بعد الخندق.

فعليّ أجلّ قدراً من أن يفعل مثل هذه الكبيرة، ويقرّه عليها جبريل ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. ومن فعل هذا كان من مثالبه لا من مناقبه، وقد نزّه الله عليّاً عن ذلك. ثم إذا فاتت لم يسقط الإثم عنه بعود الشمس.

وأيضاً فإذا كانت هذه القصة في خيبر في البرّيّة قدّام العسكر والمسلمون أكثر من ألف وأربعمائة، كان هذا مما يراه العسكر ويشاهدونه. ومثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فيمتنع أن ينفرد بنقله الواحد والاثنان، فلو نقله الصحابة لنقله منهم أهل العلم، كما نقلوا أمثاله، لم ينقله المجهولون الذين لا يُعرف ضبطهم وعدالتهم.

(1) الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ: الذي تفوته صلاة العصر .. إلخ في: البخاري 1/ 111 (كتاب المواقيت، باب إثم من فاتته العصر) ، مسلم 1/ 435 (كتاب المساجد ... ، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر) ، 1/ 436 (بلفظ: من فاتته ... ) والحديث في مواضع أخرى في البخاري ومسلم وفي كتب السنن وفي الموطأ والمسند.

(2) الحديث عن عليّ رضي الله عنه في: البخاري 4/ 43 - 44 (كتاب الجهاد والسير، باب الدعاء على المشركين بالهزيمة ... ) ؛ مسلم 1/ 436 - 437 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر، باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر) الأحاديث 202 - 206؛ سنن الترمذي 4/ 286 (كتاب التفسير، سورة البقرة حديث 4068) ؛ المسند (ط. المعارف) 2/ 31، 46، 177، 213.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام