فهرس الكتاب
الصفحة 257 من 363

غيري، وبي خفف الله عن هذه الأمة أمر هذه الآية" [1] ."

والجواب أن يقال: الأمر بالصدقة لم يكن واجباً على المسلمين حتى يكونوا عصاة بتركه، وإنما أمر به من أراد النجوى، واتفق أنه لم يُرد النجوى إذ ذاك إلا عليّ رضي الله عنه، فتصدق لأجل المناجاة [2] .

وهذا كأمره بالهَدْي لمن تمتع بالعمرة إلى الحج، وأمره بالهدي لمن أحصر، وأمره لمن به أذى من رأسه بفدية من صيام أو صدقة أو نسك. وهذه الآية نزلت في كعب بن عجرة لما مرّ به النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وهو ينفخ تحت قدر وهوامّ رأسه تؤذيه [3] . وكأمره لمن كان مريضاً

(1) قال أبو عبد الرحمن: ذكر الإمام النسائي رحمه الله تعالى في"خصائص أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب .. ص 161 حديثاً قريباً من هذا: عن عليّ بن علقمة عن علي قال: لما أنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لعلي:"مرهم أن يتصدقوا"، قال: بكم يا رسول الله؟ قال:"بدينار"، قال: لا يطيقون. قال:"فنصف دينار". قال: لا يطيقون. قال:"فبكم"؟ قال: بشعيرة. فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:"إنك لزهيد"فأنزل الله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ} إلى آخر الآية. وكان علي يقول: بي خُفّف عن هذه الأمة."

وقال المحقق الشيخ البلوشي: إسناده ضعيف. علي بن علقمة الأنماري قال البخاري: في حديثه نظر، وذكره العقيلي وابن الجارود في الضعفاء. وقال عنه ابن حبان في الضعفاء: منكر الحديث، ينفرد عن عليّ بما لا يشبه حديثه. وذكره أيضاً في ثقاته. وذكره الذهبي في الضعفاء، وقال ابن حجر: مقبول الثقات (5:163) ، المجروحين (7:365) ، التقريب (ص 247) .

وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (12: 81) وعبد بن حميد (90) والترمذي (4: 80) والبزار (ق 60/ 1) وابن جرير في تفسيره (28: 21) وابن حبان (544 - الموارد) والعقيلي (3: 243) وأبو يعلى (1: 322) من طريق الثوري.

وأخرجه ابن عدي (5: 1847) من طريق شريك كلاهما عن عثمان بن المغيرة به.

(2) انظر تأويل هذه الآية في تفسير ابن كثير وفيه:"قال ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: نهوا عن مناجاة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم حتى يتصدقوا، فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب، قدّم ديناراً صدقة تصدّق بها، ثم ناجى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فسأله عن عشر خصال، ثم أنزلت الرخصة ... وقال معمر عن قتادة: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} إنها منسوخة، ما كانت إلا ساعة من نهار. هكذا روى عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن مجاهد، قال علي: ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت، وأحسبه قال: وما كانت إلا ساعة".

(3) وهذا كله في آية 196 من سورة البقرة: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} .. الآية. وانظر تفسيرها في تفسير ابن كثير وغيره، وانظر ما رواه ابن كثير عن البخاري وأحمد في شسان كعب بن عجرة رضي الله عنه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام