فهرس الكتاب
الصفحة 228 من 363

بل هذا يدل على أن ذلك الواحد موصوف بذلك.

ولهذا لو نذر أن يتصدق بألف درهم على رجل صالح أو فقير، فأعطى هذا المنذر لواحدٍ، لم يلزم أن يكون غيره ليس كذلك، ولو قال: أعطوا هذا المال لرجل قد حجَّ عني، فأعطوه رجلاً، لم يلزم أن غيره لم يحج عنه.

الثالث: أنه لو قُدِّر ثبوت أفضليته في ذلك الوقت، فلا يدل ذلك على أن غيره لم يكن أفضل منه بعد ذلك.

الرابع: أنه لو قدَّرنا أفضليته، لم يدل ذلك على أنه إمام معصوم منصوص عليه، بل كثير من الشيعة الزيدية ومتأخري المعتزلة وغيرهم يعتقدون أفضليته، وأن الإمام هو أبو بكر، وتجوز عندهم ولاية المفضول. وهذا مما يجوزه كثير من غيرهم، ممن يتوقف في تفضيله بعض الأربعة على بعض، أو ممن يرى أن هذه المسألة ظنية لا يقوم فيها دليل قاطع على فضيلة واحدٍ معين، فإن من لم يكن له خبرة بالسنة الصحيحة قد يشك في ذلك.

وأما أئمة المسلمين المشهورين فكلهم متفقون على أن أبا بكر وعمر أفضل من عثمان وعليّ، ونقل هذا الإجماع غيرُ واحد، كما روى البيهقي في كتاب"مناقب الشافعي"- مسنده عن الشافعي - قال:"ما اختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر وتقديمهما على جميع الصحابة" [1] .

وروى مالك عن نافع عن ابن عمر قال:"كنا نفاضل على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فنقول: خير الناس بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أبو بكر ثم عمر" [2] .

(1) وردت هذه العبارة في كتاب"مناقب الشافعي"لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق الأستاذ السيد أحمد صقر (ط. دار التراث، القاهرة، 1391/ 1971) 1/ 434 وجاء بعدها:"وإنما اختلف من اختلف منهم في عليّ وعثمان: منهم من قدم عليّاً على عثمان، ومنهم من قدم عثمان على عليّ، ونحن لا نخطئ أحداً من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيما فعلوا".

(2) الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما - مع اختلاف في الألفاظ - في: البخاري 5/ 4 (كتاب فضائل أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، باب مناقب المهاجرين وفضلهم، باب فضل أبي بكر) ولفظه:"كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم"، 5/ 14 - 15 (كتاب فضائل أصحاب النبي، باب مناقب عثمان) ، سنن أبي داود 4/ 287 (كتاب السنة، باب في التفضيل) عن طريقين في أولهما زيادة:"ثم نترك أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لا نفاضل بينهم"، كتاب فضائل الصحابة، الأرقام 53 - 58، 61 - 63، 401، مجمع الزوائد 9/ 58، المسند (ط. المعارف) الأرقام 4626، 4797.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام