فهرس الكتاب
الصفحة 171 من 363

الثاني: أن هذا كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث [1] بل هم يعلمون أن هذا من أسمج الكذب على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.

الثالث: أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لَمّا كان بمكة في أكثر الأوقات لم يكن ابن عباس قد وُلد، وابن عباس ولد وبنو هاشم في الشعب محصورون، ولَمّا هاجر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يكن ابن عباس بلغ سن التمييز، ولا كان ممن يتوضأ ويصلّي مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فإن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مات وهو لم يحتلم بعد، وكان له عند الهجرة نحو خمس سنين أو أقل منها، وهذا لا يؤمر بوضوء ولا صلاة؛ فإن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال:"مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع" [2] ومن يكون بهذا السن لا يعقل الصلاة، ولا يحفظ مثل هذا الدعاء إلا بتلقين، لا يحفظ بمجرد السماع.

الرابع: أنهم قد قدَّموا في قوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [المائدة: 55] . وحديث التّصدّق بالخاتم في الصلاة أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم دعا بهذا الدعاء. وهنا قد ذكروا أنه قد دعا بهذا الدعاء بمكة قبل تلك الواقعة بسنين متعددة، فإن تلك كانت في سورة المائدة، والمائدة من آخر القرآن نزولاً، وهذا في مكة. فإذا كان قد دعا بهذا في مكة وقد استجيب له، فأي حاجة إلى الدعاء به بعد ذلك بالمدينة بسنين متعددة؟!.

الخامس: أنّا قد بيّنّا فيما تقدم وجوهاً متعددة في بطلان مثل هذا، فإن هذا الكلام كذب على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من وجوه كثيرة، ولكن هنا قد زادوا فيه زيادات كثيرة لم يذكروها هناك، وهي قوله: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه: 32] ، فصرَّحوا هنا بأن عليّاً كان شريكه في أمره، كما كان هارون شريك موسى، وهذا قول من يقول بنبوّته، وهذا كفر صريح، وليس هو قول الإمامية، وإنما هو من قول الغالية.

(1) لم أجد أحداً ذكر هذا الحديث الموضوع، ولكن ذكر السيوطي في"الدر المنثور"4/ 295 حديثاً بمعناه فقال:"وأخرج السلفي في"الطيوريات"بسندٍ واهٍ عن أبي جعفر محمد بن عليّ قال: لما نزلت: {وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على جبل ثم دعا ربه، وقال: اللهم اشدد أزري بأخي عليّ، فأجابه إلى ذلك".

(2) الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما) في: سنن أبي داود 1/ 193 (كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة) ، المسند (ط. المعارف) 10/ 217 - 218 (وانظر تعليق المحقق رحمه الله على الحديث وقوله: إسناده صحيح. وما ذكره من أن الحديث في: المستدرك(1/ 197) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام