أفضل من محمد مطلقاً، كما أن قوله:"إن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فأجد موسى باطشاً بالعرش، فلا أدري هل استفاق قبلي، أم كان من الذين استثنى الله" [1] ، فتجويز أن يكون سبقه في الإفاقة أو لم يصعق بحال، لا يمنعنا أن نعلم أن محمّداً أفضل من موسى.
ولكن إذا كان التفضيل على وجه الغض من المفضول في النقص له نُهى عن ذلك، كما نَهَى في هذا الحديث عن تفضيله على موسى، وكما قال لمن قال: يا خير البريّة. قال:"ذاك إبراهيم" [2] وصح قوله:"أنا سيد ولد آدم ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة ولا فخر" [3] .
(1) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، وجاء في البخاري في عدة مواضع آخرها 9/ 139 (كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة ... ) وأول الحديث: استب رجلٌ من المسلمين ورجل من اليهود ... فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم:"لا تخيّروني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله"والحديث مع اختلاف الألفاظ - في: مسلم 4/ 1844 - 1845 (كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى صلَّى الله عليه وسلَّم) ، سنن أبي داود 4/ 301 - 302 (كتاب السنة، باب في التخيير بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام) ، المسند (ط. المعارف) 14/ 20 - 22 (رقم 7576) .
(2) الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه في:
مسلم 4/ 1839 (كتاب الفضائل، باب من فضائل إبراهيم الخليل صلَّى الله عليه وسلَّم) ونصه: جاء رجل إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا خير البريّة. فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:"ذاك إبراهيم عليه السلام". والحديث في: سنن الترمذي 5/ 116 (كتاب التفسير، سورة لم يكن .. ) ، المسند (ط. الحلبي) 3/ 178، 184. وقال النووي في شرحه على مسلم 15/ 121 - 122:"قال العلماء: إنما قال صلَّى الله عليه وسلَّم هذا تواضعاً واحتراماً لإبراهيم صلَّى الله عليه وسلَّم لخلته وأبوته، وإلا فنبينا صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم:"أنا سيد ولد آدم"ولم يقصد به الافتخار ولا التطاول على من تقدّمه، بل قال بياناً لما أمر ببيانه وتبليغه، ولهذا قال صلَّى الله عليه وسلَّم:"ولا فخر"لينفي ما قد يتطرق إلى بعض الأفهام السخيفة".
(3) هذه العبارات جاءت في حديث طويل من أحاديث الشفاعة وروى عن ابن عباس وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك رضي الله عنهم في: سنن الترمذي 4/ 370 - 371 (كتاب تفسير القرآن، سورة الإسراء) وقال الترمذي:"هذا حديث حسن، وقد روى بعضهم هذا الحديث عن أبي نضرة عن ابن عباس، الحديث بطوله". وهو أيضاً في: سنن الترمذي 5/ 247 (كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم حديث رقم 3693) ، سنن ابن ماجه 2/ 1440 (كتاب الزهد، باب ذكر الشفاعة) ، المسند (ط. المعارف) حديث رقم 2546، 2692، (ط. الحلبي) 3/ 2، 144.