فهرس الكتاب
الصفحة 155 من 363

ابن عباس: محمد من آل إبراهيم. فمجموع آل إبراهيم بمحمد أفضل من آل محمد، ومحمد قد دخل في الصلاة على آل إبراهيم، ثم طلبنا له من الله ولأهل بيته مثل ما صلى على آل إبراهيم، فيأخذ أهل بيته ما يليق بهم، ويبقى سائر ذلك لمحمد صلَّى الله عليه وسلَّم، فيكون قد طُلب له من الصلاة ما جُعل للأنبياء من آل إبراهيم. والذي يأخذه الفاضل من أهل بيته دونه لا يكون مثل ما يحصل لنبي، فتعظم الصلاة عليه بهذا الاعتبار صلَّى الله عليه وسلَّم. وقيل: إن التشبيه في الأصل لا في القدر.

الرابع: أن الله ذكر أنه مرج البحرين في آية أخرى، فقال في الفرقان: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [الفرقان: 53] فلو أريد بذلك عليُّ وفاطمة لكان ذلك ذمّاً لأحدهما، وهذا باطل بإجماع أهل السنة والشيعة.

الخامس: أنه قال: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاّ يَبْغِيَانِ} فلو أريد بذلك عليّ وفاطمة، لكان البرزخ الذي هو النبي صلَّى الله عليه وسلَّم - بزعمهم - أو غيره هو المانع لأحدهما أن يبغي على الآخر. وهذا بالذم أشبه منه بالمدح.

السادس: أن أئمة التفسير متفقون على خلاف هذا، كما ذكره ابن جرير وغيره. فقال ابن عباس: بحر السماء وبحر الأرض يلتقيان كل عام وقال الحسن: مرج البحرين، يعني بحر فارس والروم، بينهما برزخ: هو الجزائر [1] .

وقوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] قال الزجّاج: إنما يخرج من البحر الملح، وإنما جمعهما لأنه إذا خرج من أحدهما فقد خرج منهما، مثل: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} وقال الفارسي: أراد من أحدهما فحذف المضاف. وقال ابن جرير: إنما قال منهما، لأنه يخرج من أصداف البحر عن قطر السماء.

وأما اللؤلؤ والمرجان ففيهما قولان: أحدهما: أن المرجان ما صغر من اللؤلؤ، واللؤلؤ: العظام. قاله الأكثرون، منهم ابن عباس وقتادة والفرّاء والضحّاك. وقال الزجاج: اللؤلؤ اسم جامع للحب الذي يخرج من البحر، والمرجان صغاره. الثاني: أن اللؤلؤ الصغار، والمرجان الكبار. قاله مجاهد والسدي ومقاتل.

قال ابن عباس: إذا أمطرت السماء فتحت الأصداف أفواهها، فما وقع فيها من المطر فهو لؤلؤ. وقال ابن جرير: حيث وقعت قطرة كانت لؤلؤة. وقال ابن مسعود: المرجان الخرز الأحمر.

(1) انظر: تفسير الطبري (ط. بولاق) 27/ 74 - 76، زاد المسير (8/ 112) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام