القرآن، وهو من جنس تفسير الملاحدة والقرامطة الباطنية للقرآن، بل هو شر من كثير منه. والتفسير بمثل هذا طريق للملاحدة على القرآن والطعن فيه، بل تفسير القرآن بمثل هذا أعظم القدح فيه والطعن فيه.
ولجهّال المنتسبين إلى السنة تفاسير في الأربعة، وهي إن كانت باطلة فهي أمثل من هذا، كقولهم: الصابرين: محمد، والصادقين: أبو بكر، والقانتين: عمر، والمنفقين: عثمان، والمستغفرين بالأسحار: عليّ.
وكقوله: محمد رسول الله، والذين معه: أبو بكر، أشداء على الكفار: عمر، رحماء بينهم: عثمان، تراهم ركعاً سجّداً: عليّ.
وكقولهم: والتين: أبو بكر، والزيتون: عمر، وطور سينين: عثمان، وهذا البلد الأمين: عليّ.
وكقولهم: {وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلاّ الَّذِينَ آمَنُوا} : أبو بكر {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} : عمر، {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} : عثمان {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} عليّ.
فهذه التفاسير من جنس تلك التفاسير، وهي أمثل من إلحادات الرافضة كقولهم: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12] علي، وكقولهم: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4] : إنه عليّ بن أبي طالب {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ} [الإسراء: 60] : بنو أمية، وأمثال هذا الكلام الذي لا يقوله من يرجو لله وقاراً، ولا يقوله من يؤمن بالله وكتابه.
وكذلك قول القائل: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرحمن: 19] : علي وفاطمة، {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاّ يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 20] النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] : الحسن والحسين. وكل من له أدنى علم وعقل يعلم بالاضطرار بطلان هذا التفسير، وأن ابن عباس لم يقل هذا.
وهذا من التفسير الذي في تفسير الثعلبي، وذكره بإسناد رواته مجهولون لا يُعرفون، عن سفيان الثوري. وهو كذب على سفيان. قال الثعلبي أخبرني الحسن بن محمد الدينوري، حدثنا موسى بن محمد بن عليّ بن عبد الله، قال: قرأ أبي على أبي محمد بن الحسن بن علوية القطّان من كتابه وأنا أسمع، حدثنا بعض أصحابنا، حدثنا رجل من أهل مصر يقال له طسم، حدثنا أبو حذيفة، عن أبيه، عن أبيه، عن سفيان الثوري في قوله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاّ يَبْغِيَانِ} قال: فاطمة وعليّ، يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان: الحسن والحسين.
وهذا الإسناد ظلمات بعضها فوق بعض، لا يثبت بمثله شيء.