أَدْنِيك وأعلّمك، يا عليّ إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعِيَ، وأنزلت عَلَيَّ هذه الآية: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} فأنت أذن واعية. وهذه الفضيلة لم تحصل لغيره، فيكون هو الإمام"."
والجواب من وجوه: أحدها: بيان صحة الإسناد. والثعلبي وأبو نُعيم يرويان ما لا يُحتج به بالإجماع.
الثاني: أن هذا موضوع باتفاق أهل العلم [1] .
الثالث: أن قوله: {لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ، لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 11، 12] لم يرد به أذن واحدٍ من الناس فقط، فإن هذا الخطاب لبني آدم.
وحملهم في السفينة من أعظم الآيات. قال تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} [يس: 41، 42] وقال: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [لقمان: 31] ، فكيف يكون ذلك كله ليعي ذلك واحد من الناس؟.
نعم أذن عليّ من الآذان الواعية، كأذن أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم. وحينئذ فلا اختصاص لعليّ بذلك. وهذا مما يُعلم بالاضطرار: أن الأذن الواعية ليست أذن عليّ وحدها. أترى أذن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ليست واعية؟ ولا أذن الحسن والحسين وعمّار وأبي ذر والمقداد وسلمان الفارسي وسهل بن حنيف وغيرهم ممن يوافقون على فضيلتهم وإيمانهم؟
وإذا كانت الأذن الواعية له ولغيره، لم يجز أن يُقال: هذه الأفضلية لم تحصل لغيره.
ولا ريب أن هذا الرافضي الجاهل الظالم يبني أمره على مقدمات باطلة؛ فإنه لا يُعلم في طوائف أهل البدع أَوْهَى من حجج الرافضة، بخلاف المعتزلة ونحوهم، فإن لهم حججاً وأدلة قد تشتبه على كثير من أهل العلم والعقل. وأما الرافضة فليس لهم حجة قط تنفق إلا على جاهل أو ظالمٍ صاحب هوى، يقبل ما يوافق هواه، سواء كان حقّاً أو باطلا.
ولهذا يُقال فيهم: ليس لهم عقل ولا نقل، ولا دين صحيح، ولا دنيا منصورة.
وقالت طائفة من العلماء: لو علّق حكماً بأجهل الناس لتناول الرافضة، مثل أن يحلف:
(1) ذكر ابن كثير في تفسيره لآية 12 من سورة الحاقة الحديث الأول من رواية ابن أبي حاتم ثم قال:"وهكذا رواه ابن جرير عن عليّ بن سهل عن الوليد بن مسلم عن عليّ بن وحشب عن مكحول به، وهو حديث مرسل". ثم ذكر الحديث الثاني من رواية ابن أبي حاتم أيضاً، ثم قال:"ورواه جرير عن محمد بن خلف عن بشر بن آدم به، ثم رواه ابن جرير من طريق آخر عن داود الأعمى عن بريدة به، لا يصح أيضاً"وانظر: زاد المسير (8/ 348) .