الثاني: أن هذا باطل عن ابن عباس، ولو صح عنه لم يكن حجة إذا خالفه من هو أقوى منه [1] .
الثالث: أن الله يقول: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} [التوبة: 100] .
وقال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} الآية [فاطر: 32] .
والسابقون الأوّلون هم الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، الذين هم أفضل ممن أنفق من بعد الفتح وقاتل. ودخل فيهم أهل بيعة الرضوان، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة، فكيف يُقال: إن سابق هذه الأمة واحدٌ؟!.
(1) قال شاه عبد العزيز الدهلوي (مختصر التحفة الاثني عشرية، ص 158 - 159) :"ومدار هذه الرواية على أبي الحسن الأشقر، وهو ضعيف بالإجماع. قال العقيلي: هو شيعي متروك الحديث. ولا يبعد أن يكون هذا الحديث موضوعاً إذ فيه من أمارات الوضع أن صاحب ياسين لم يكن أول من آمن بعيسى بل برسله، كما يدل عليه نص الكتاب ... إلخ ...".
قال أبو عبد الرحمن: هو ابن الحسن الأشقر وليس كما قال الدهلوي رحمه الله تعالى. وهذه الرواية الضعيفة ذكرها العلامة الألباني في"سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة"ج 1 ص 360 - 361 وقال حفظه الله تعالى: ضعيف جداً. ورواه الطبراني (3/ 111/2) عن الحسين بن أبي السري العسقلاني، نا حسين الأشقر، نا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً.
قلت: وهذا سند ضعيف جدّاً إن لم يكن موضوعاً، فإن حسين الأشقر وهو ابن الحسن الكوفي شيعي غال، ضعفه البخاري جداً فقال في"التاريخ الصغير" (230) :"عنده مناكير".
وروى العقيلي في"الضعفاء" (90) عن البخاري أنه قال فيه:"فيه نظر".
وفي"الكامل"لابن عدي (1/ 97) : قال السعدي: كان غالباً، من الشتّامين للخبرة، ووثقه بعضهم، ثم قال ابن عدي: وليس كل ما يروى عنه من الحديث الإنكار فيه من قبله، فربما كان من قبل من يروي عنه، لأن جماعة من ضعفاء الكوفيين يحيلون بالروايات على حسين الأشقر، على أن حسيناً في حديثه بعض ما فيه"."
قلت: وكأن ابن عدي يشير بهذا الكلام إلى مثل هذا الحديث فإنه من رواية الحسين بن أبي السري عنه، فإنه مثله بل أشد ضعفاً، قال الذهبي: ضعفه أبو داود وقال أخوه محمد: لا تكتبوا عن أخي فإنه كذاب، وقال أبو عروبة الحرّاني: هو خال أبي وهو كذاب"ثم ساق له هذا الحديث من طريق الطبراني."
وقال الحافظ ابن كثير في"التفسير" (3/ 570) :"هذا حديث منكر، لا يعرف إلا طريق حسين الأشقر، وهو شيعي متروك"، ونقل نحوه المناوي عن العقيلي، ونقل عنه الحافظ في"تهذيب التهذيب"أنه قال: لا أصل له عن ابن عيينة"."