فهرس الكتاب
الصفحة 524 من 823

للحديث الصحيح الذي أجمع السلف على أن فيه إثباتًا لصفة"الساق"لله تعالى.

قال القرطبي:"فيكشف عن ساق، أي: يوضح الحق، ويتجلى لهم الأمر، فيرونه حقيقة معاينة، وكشف الساق: مثل تستعمله العرب في الأمر إذا حق ووضح، واستقر، تقول العرب: كشفت الحرب عن ساقها، إذا زالت مخارقها وحقت حقائقها وقال:"

وكُنتُ إذا جاري دعا لمَضُوفَةٍ (1) ... أُشمِّر حتى ينصُفَ الساقَ مِئزَري (2) (3)

وأما العلماء الذين عدوا الآية من آيات الصفات فبين ابن القيم وجهتهم بقوله:"والذين أثبتوا ذلك صفة كاليدين والإصبع لم يأخذوا ذلك من ظاهر القرآن، وإنما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته، وهو حديث الشفاعة الطويل وفيه:"فيكشف الرب عن ساقه فيخرون له سجَّدًا"ومن حمل الآية على ذلك قال: قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} مطابق لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"فيكشف عن ساقه فيخرون له سجدًا"وتنكيره للتعظيم والتفخيم، كأنه قال: يكشف عن ساق عظيمة جلَّت عظمتها، وتعالى شأنها أن يكون لها نظير أو مثيل، أو شبيه قالوا: وحمل الآية على الشدة لا يصح بوجه، فإن لغة القوم في مثل ذلك أن يقال: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (50) } (4) وقال: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ} (5) فالعذاب والشدة هو المكشوف، لا المكشوف عنه، وأيضًا فهناك تحدث الشدة وتشتد ولا تزال إلَّا بدخول الجنة، وهناك"

(1) أي: أمر شديد ضافه ونزل به وشق عليه.

(2) البيت لأبي جندب الهذلي من شعراء الجاهلية. انظر: ديوان الهذليين (1/ 358) .

(3) المفهم (1/ 417) .

(4) سورة الزخرف، آية: 50.

(5) سورة المؤمنون، آية: 75.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام