فهرس الكتاب
الصفحة 204 من 823

بالقضاء والقدر وأن الله خالق كل شيء، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وأن العباد لهم مشيئة وقدرة، يفعلون بقدرتهم ومشيئتهم ما أقدرهم الله عليه، مع قولهم: إن العباد لا يشاؤون إلَّا أن يشاء الله" (1) ."

وقد قال القرطبي في بيانه لمعنى الإيمان بالقدر:"الإيمان بالقدر هو التصديق بما تقدم ذكره، وحاصله: هو ما دل عليه قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) } (2) وقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) } (3) ، وقوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (4) . وإجماع السلف والخلف على صدق قول القائل: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وقوله عليه الصلاة والسلام:"كل شيء بقدر حتى العَجْز والكيس" (5) " (6) .

والقرطبي والمازري على مذهب الأشاعرة في القدر، وقد صرَّح المازري في ذلك فقال في معرض رده على المعتزلة في قولهم في القدر:"... هذا أيضًا مطابق لقول الأشعرية أهل السنة في أن كل شيء بقضاء الله وقدره، وأن المعاصي قضاها الله وقدَّرها، ألَا ترى قول السائل أرأيت ما يعمله الناس اليوم ويكدحون فيه؟ ولم يفرق بين خير وشرٍ، ولا طاعة ومعصية، وكذلك جوابه -صلى الله عليه وسلم- لم يفرق فيه بل قال: بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم، وتلا كتاب الله مصدقًا لما قال ومسويًا بين الفجور والتقوى"

(1) المرجع السابق (8/ 459) .

(2) سورة الصافات، الآية: 96.

(3) سورة القمر، الآية 49.

(4) سورة الإنسان، الآية: 30.

(5) سبق تخريجه ص (223) .

(6) المفهم (1/ 145) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام