وحرَّمت عليهم ما أحْلَلتُ لهُم" (1) ."
وقد اختلف في الفطرة الواردة في الآية والحديثين على أقوال:
قيل: الفطرة هي الإسلام، وقيل: قدرة العبد على معرفة الله تعالى بعد بلوغه فهو يولد سالمًا ليس في قلبه شيء، وقيل: هي البداءة التي ابتدأهم الله عليها من الحياة والموت والسعادة والشقاوة.
وقيل: ما أخذ عليهم من الميثاق قبل خروجهم إلى الدنيا.
وقيل: هي ما كتب عليهم فمنهم من فطر على الإيمان ومنهم من فطر على الكفر (2) .
والقول الراجح الذي تؤيده الأدلة هو القول الأول الذي فسر الفطرة بالإسلام وهو الذي عليه عامة السلف وأكثر المفسرين.
قال مجاهد:"فطرة الله: أي الإسلام" (3) .
وقال البخاري:"باب لا تبديل لخلق الله": لدين الله، والفطرة: الإسلام" (4) ."
وقال ابن عبد البر:"أجمع أهل العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} الإسلام وهو المعروف عند عامة السلف" (5) .
وهو الذي رجَّحه القرطبي، ورد الأقوال الأخرى لمخالفتها
(1) رواه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار ح (2865) (17/ 203) .
(2) انظر: فطرية المعرفة وموقف المتكلمين منها للدكتور أحمد حمدان ص (166) .
(3) تفسير الطبري (10/ 183) .
(4) صحيح البخاري مع الفتح (8/ 372) .
(5) انظر: التمهيد (18/ 72) .