وقال الإمام أحمد:"لا يفلح صاحب كلام أبدًا، ولا تكاد ترى أحدًا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل" (1) .
وقال أبو يوسف (2) :"من طلب الدين بالكلام تزندق" (3) .
وقال البربهاري (4) :"اعلم أنها لم تكن زندقة ولا كفر ولا شكوك ولا بدعة ولا ضلالة ولا حيرة في الدين إلا من الكلام وأهل الكلام، والجدال والمراء، والخصومة والعجب" (5) .
وهكذا تضافرت نصوص السلف في التحذير من علم الكلام وذمه. وهذا التحذير ينصب على علم الكلام المخالف للكتاب والسنة، مما أُدْخِلَ في العقيدة من الدلائل والمسائل المبتدعة، التي تكون سببًا في ضعف الإيمان، وقلة تعظيم الكتاب والسنة.
والقرطبي -رحمه الله- له كلامٌ قويٌ جميلٌ في الرد على المتكلمين، وذم ما هم فيه، وبيان المحاذير المترتبة على الكلام، نقله الإمام الحافظ ابن حجر بطوله في الفتح -كما تقدم ذكره- خصوصًا أن القرطبي أخذ علم الكلام في بداية طلبه، كما قال ابن مسدي عنه:"أخذ"
(1) صحيح جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر تحقيق أبو الأشبال الزهيري ص (367) .
(2) هو يعقوب بن إبراهيم الأنصاري مولاهم الشهير بأبي يوسف صاحب أبي حنيفة أثبت أصحاب الرأي في الحديث وأحفظهم له، توفي سنة (182 هـ) . سير أعلام النبلاء (8/ 535) ، طَبقات الحفاظ ص (136) ترجمة (260) .
(3) الحجة في بيان المحجة للأصبهاني (1/ 117) ، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (1/ 166) .
(4) هو الحسن بن علي بن خلف البربهاري شيخ الحنابلة كان قوَّالًا للحق، لا تأخذه في الله لومة لائم أوذي وامتحن بسب ذلك حتى توفي مستترًا سنة (328 هـ) . سير أعلام النبلاء (15/ 90) . البداية والنهاية (11/ 213) .
(5) شرح السنة للبربهاري ص (38) .