ويدل على صحة ذلك سؤالهم المجرمين عن {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: 42] لأن كل من دخل الجنة ممن بلغ حد التكليف، ولزمه فرض الأمر والنهي قد علم أن أحدا لا يعاقب إلا على المعصية.
142 -فأما أطفال المشركين: فاختلفت الآثار فيهم.
فجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وراه أنس عنه: (( أنهم خدم أهل الجنة ) ).
وعن أنس أيضا عنه صلى الله عليه سلم أنه قال: عفي لي عن أطفال المسلمين، وجعل أطفال المشركين خدما لأهل الجنة )) .
143 -جاء عنه أنه قال: (( النبي في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والوءد في الجنة ) ). وجاء عنه: أنه سئل عن امرأة وأدت في الجاهلية وماتت فقال: (( هي وما وأُدت في النار. ) )
جاء عنه أنه قال: (( هم مع آبائهم ) ).
144 -وجاء عنه أنه قال: (( أربعة يحتجون يوم القيامة: رجل أصم أبكم، ورجل هلك في الفترة، ورجل معتوه، والمولود ) ).
فيقول الأصم: يا رب لقد جاء الإسلام والصبيان يلعبون بي.
ويقول الهالك في الفترة: لم يأتني كتاب ولا رسول، ثم تلا: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ} [طه: 134] إلى آخر الآية.
ويقول المعتوه: لم تجعل لي عقلا.
ويقول الطفل: يا رب لم أُدرك العقل.
فيقول الله: إني آمركم بأمر أفتطيعوني؟ فيقولون: نعم وعزتك يا رب. فيقول: اذهبوا فادخلوا النار. قال: ولو دخلوها ما ضرّتهم، فيذهبون ثم يرجعون، فيؤمرون إلى الثالثة. فيقول الرب سبحانه: قبل أن أخلقكم علمت ما أنتم عاملون، وعلى علمي حلقتكم، وإلى علمي تصيرون: ضميهم، فتأخذهم النار.@