إن قيل: كيف قال: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [نوح: 16] والقمر في إحداهن دون سائرهن؟ {فِيهِنَّ} [نوح: 16] قيل: في قوله للمفسرين وعلماء اللغة أقوال:
منها: أن معنى {فِيهِنَّ} [نوح: 16] كما يقال: زيد في القوم، أي: معنهم، قال محمد بن السائب:
{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [نوح: 16] أي: معهن ضياء لأهل الأرض.
وقال ابن كيسان: جواب النحويين في ذلك: أنه إذا جعل النور في إحداهن فقد جعله فيهن كما يقول: أعطني الثياب المعلمة، وإن لم يعلم منها إلا واحدا.
وقال غيره: إنما قال {فِيهِنَّ} كما يقال: في هذه الدور وليمة وهي في واحدة منهن، وكما يقال: قَدِم فلان شهر كذا، وإنما قدم في يوم منه، فكذلك أخبر الله تعالى أن القمر في السماوات، وإن كان في واحدة منهن.
140 -وقال تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38] أي: إلى موضع قرارها فيه، والمعنى: إنها تجري إلى أبعد منازلها في الغروب، ثم ترجع فلا تجاوزه، وذلك أنها لا تزال تتقدم كل ليلة حتى تنتهي إلى أبعد منازلها، ثم ترجع {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} [يس: 39] لنقصانه تعد تمامه واستوائه {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: 39] وهو العذق من النخلة {الْقَدِيمِ} اليابس، يعني: في انحنائه وتقويسه {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ} [يس: 40] أي: لا الشمس يصلح لها إدراك القمر فيذهب ضوءها بضوئه، فتكون الأوقات كلها نهارا، {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [يس: 40] أي: ولا الليل بفائت النهار حتى تذهب ظلمته بضيائه، فتكون الأوقات كلها ليلا: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40] يعني: الشمس، والقمر، والليل، والنهار في فلك يجرون.
141 -ومن قولهم: إن أطفال الأنبياء وجميع المؤمنين في الجنة.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} [الطور: 21] يعني: الكبار الذين بلغوا التكليف: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] يعني: الصغار الذين لم يبلغوا التكليف. قاله ابن عباس، والضّحّاك وغيرهما.
وقال تعالى: {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ} [المدثر: 39، 40] . قال علي رضي الله عنه: هم أطفال المسلمين.@