29 ـــ ومن قولهم: إن ملك الموت يقبض الأرواح كلها بإذن الله. قال عز من قائل: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجدة: 11] ، فإذا قبض روح مؤمن دفعها إلى ملائكة الرحمة؛ وإذا قبض روح كافر دفعها إلى ملائكة العذاب، وهو قوله تعالى: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61] يعني: يقبضونها من ملك الموت، ثم يصعدون بها إلى الله عز وجل وهو قوله تتعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} [الأنعام: 62] .
فصل: في القدر
30 ـــ ومن قولهم: إن الأقدار كلها خيرها وشرها، خلوها ومرها: قد علمها تبارك وقدرها، وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.
وكذا جميع الأعمال قد علمها وكونها وأحصاها وكتبها في اللوح المحفوظ، فكلها بقضائه جارية، وعلى من سعد أو شَقِيَ في بطن أمه ماضية، لا محيص لخلقه عن إرادته، ولا عمل من خير ولا شر إلا بمشيئته.
وقال عز من قائل: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12] الآية.
31 ـــ ومشيئته تبارك وتعالى، ومحبته، ورضاه، ورحمته وغضبه، وسخطه، وولايته، وعداوته هو أجمع راجع إلى إرادته والإرادة صفة لذاته غير مخلوقه، وهو يريد بها لكل حادث في سمائه وأرضه، مما ينفرد سبحانه بالقدرة على إيجاده.
وما يجعله منه كسبا لعباده من خير وشر، ونفع وضر، وهدىً وضلال، وطاعة وعصيان، ولا يكون حادث إلا بإرادته، ولا يخرج مخلوق عن مشيئته، وما شاء كونه كان؛ وما لم يشأ لم يكن.@