123 -ومن قوله: إن الله يشفع نبيه صلى الله عليه وسلم، وأهل بيتهم وصحابته، ومن يشاء من صالح عباده، في عُصاة أهل ملته، ويخرج بشفاعة رسول صلى الله عليه وسلم من النار قوم بعد ما امتحشوا فيها وصاروا حمما، ويدخلون الجنة ويُغسلون في ماء الحياة فتنبت لحومهم كما تنبت الحبة في حميل السيل، على ما أتت به الأخبار الصحاح عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
124 -وقال عز من قائل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] ، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم عن غير واحد من الصحابة أن المقام المحمود. (( الشفاعة ) ).
وقال تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] يعني: إذا أذن في الشفاعة، وأخرج العصاة من المؤمنين من النار.
وقال في الكافرين: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48] ، وقال فيهم: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] .
125 -وقال: {وَلَا يَشْفَعُونَ} [الأنبياء: 28] عن الملائكة {إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] ، والعصاة لتمسكهم بالتوحيد والإقرار والتصديق مرتضون، بدليل قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} [فاطر: 32] ، ثم قال: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ} [فاطر: 33] ، ومرتضى ومصطفى واحد؛ على أن علي بن أبي طلحة قد روى عن ابن عباس في قوله تعالى: {إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] قال: الذي ارتضى لهم شهادة أن لا إله إلا الله. وقال أصحابنا معناه: إلا لمن ارتضى أن يُشفع فيه، وليس معناه إلا لمن رضي عمله، لأن من رضي له جميع عمله لا يحتاج إلى شفاعة.
126 -قال الله عز وجل: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}
[التوبة: 91] .
وقال صلى الله عليه وسلم: (شفاعتي لأهل الكبائر من أُمتي ) ) ,@