هي أن يقول بلسانه ما ليس في قلبه، وهذا علامة النفاق.
كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} [آل عمران: 166 - 167] .
وقال تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا} [التوبة: 74] .
وقال تعالى: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضًا وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة: 10] وفيها قراءتان: يَكذِبُون ويُكَذِّبُونَ [1] .
وفي الجملة فعلامات النفاق مثل الكذب والخيانة وإخلاف الوعد والغدر، لا يوجد في طائفة أكثر منها في الرافضة. وهذا من صفاتهم القديمة، حتى أنهم كانوا يغدرون بعليّ وبالحسن والحسين.
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال:"أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" [2] . وهذا لبسطه موضوع آخر.
والمقصود هنا أنه يمتنع أن يُقال: لا علامة للنفاق إلا بغض عليّ، ولا يقول هذا أحد من الصحابة، لكن الذي قد يُقال: إن بغضه من علامات النفاق، كما في الحديث المرفوع: "لا يبغضني إلا منافق" [3] ، فهذا يمكن توجيهه، فإنه من علم ما قام به عليّ رضي الله عنه من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله، ثم أبغضه على ذلك، فهو منافق.
ونفاق من يبغض الأنصار أظهر؛ فإن الأنصار قبيلة عظيمة لهم مدينة، وهم الذين تبوّؤا
(1) انظر تفسير الطبري (ط. المعارف) 1/ 284.
(2) الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما في: البخاري 1/ 12 (كتاب الإيمان، باب علامة المنافق) ، 4/ 102 (كتاب الجزية والموادعة، باب إثم من عاهد ثم غدر) ، مسلم 1/ 78 (كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق) ، سنن أبي داود 4/ 305 - 306 (كتاب السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه) .
(3) أول الحديث:"إنه لعهد النبي الأميّ: لا يجبني إلا مؤمن، ولا يبغضني. إلخ. وسبق فيما مضى."