السادس: أنه قد قيل معناه: إنما أنت نذير ولكل قوم هاد، وهو الله تعالى، وهو قول ضعيف. وكذلك قول من قال: أنت نذير وهاد لكل قوم، قول ضعيف. والصحيح أن معناها: إنما أنت نذير، كما أرسل من قبلك نذير، ولكل أمة نذير يهديهم أي يدعوهم، كما في قوله: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24] . وهذا قول جماعة من المفسرين، مثل قتادة وعكرمة وأبي الضحى وعبد الرحمن بن زيد. قال ابن جرير الطبري [1] :"حدثنا بشر، حدثنا [2] يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة، وحدثنا أبو كريب [3] حدثنا وكيع، حدثنا [4] سفيان، عن السدي عن عكرمة، ومنصور عن أبي الضحى:"إنما أنت منذر ولكل قوم هاد"قالا: محمد هو المنذر وهو الهادي".
"حدثنا يونس [5] ، حدثنا ابن وهب [6] ، قال: قال ابن زيد: لكل قوم نبي [7] ."الهادي": النبي [8] و"المنذر"أيضاً [9] وقرأ: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24] . وقرأ [10] : {نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى} [النجم: 56] قال: نبي من الأنبياء."حدثنا بشار [11] ، حدثنا أبو عاصم حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد قال:"المنذر": محمد [12] ،"ولكل قوم هاد"قال: نبيٌّ.
وقوله: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: 71] إذ الإمام هو الذي يؤتمّ به، أي يُقتدى به. وقد قيل: إن المراد به هو الله الذي يهديهم، والأول أصح.
وأما تفسيره بعليّ فإنه باطل، لأنه قال: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} وهذا يقتضي أن يكون هادي
(1) في تفسيره (ط. المعارف) 16/ 353 - 354.
(2) تفسير الطبري ... بشر قال حدثنا.
(3) أدمج ابن تيمية السندين معاً (20138، 20139) .
(4) في تفسير الطبري: قال حدثنا وكيع عن سفيان.
(5) "حدثنا يونس"هذه العبارة وما بعدها في"تفسير الطبري 16/ 356 وفيه: حدثني يونس."
(6) تفسير الطبري: قال أخبرنا ابن وهب.
(7) تفسير الطبري: قال ابن زيد في قوله:"ولكل قوم هاد". قال: لكل قوم نبي.
(8) تفسر الطبري: النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.
(9) تفسير الطبري: أيضاً النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.
(10) تفسير الطبري: قال.
(11) عبارة"حدثنا بشار"في تفسير الطبري قبل الكلام السابق 16/ 355 وفيه: حدثنا محمد بن بشار قال: ..
(12) تفسير الطبري: محمد صلَّى الله عليه وسلَّم.