فهرس الكتاب
الصفحة 39 من 363

أُجري الأمر في عهد عمر وعثمان، وفي عهده أيضاً لَمّا صارت له ولاية، ولم يذكر هو ولا أحدٌ من أهل بيته ولا من الصحابة المعروفين هذا النص، وإنما ظهر هذا النص بعد ذلك.

وأهل العلم بالحديث والسّنة الذين يتولّون عليّاً ويحبّونه، ويقولون: إنه كان الخليفة بعد عثمان، كأحمد بن حنبل وغيره من الأئمة، قد نازعهم في ذلك طوائف من أهل العلم وغيرهم، وقالوا: كان زمانه فتنة واختلاف بين الأئمة، لم تتفق المة فيه لا عليه ولا على غيره.

وقال طوائف من الناس كالكرّامية: بل هو كان إماماً ومعاوية إماماً، وجوَّزوا أن يكون للناس إمامان للحاجة. وهكذا قالوا في زمن ابن الزبير ويزيد، حيث لم يجدوا الناس اتفقوا على إمام.

وأحمد بن حنبل، مع أنه أعلم أهل زمانه بالحديث، احتج على إمامة علي بالحديث الذي في السنن:"تكون خلافة النبوة ثلاثين سنة، ثم تصير مُلكاً" [1] . وبعض الناس ضعّف هذا الحديث، لكن أحمد وغيره يثبتونه.

فهذا عمدتهم من النصوص على خلافة عليّ، فلو ظفروا بحديث مسندٍ أو مرسل موافق لهذا لفرحوا به.

فعُلم أن ما تدّعيه الرافضة من النصّ، هو مما لم يسمعه أحدٌ من أهل العلم بأقوال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا قديماً ولا حديثاً.

ولهذا كان أهل العلم بالحديث يعلمون بالضرورة كذب هذا النقل كما يعلمون كذب غيره من المنقولات المكذوبة.

وقد جرى تحكيم الحكمين، ومعه أكثر الناس، فلم يكن في المسلمين من أصحابه ولا غيرهم من ذكر هذا النص، مع كثرة شيعته، ولا فيهم من احتج به، في مثل هذا المقام الذي

(1) الحديث في سنن أبي داود 4/ 293 (كتاب السنة، باب في الخلفاء) ، سنن الترمذي 3/ 341 (كتاب الفتن، باب ما جاء في الخلافة) وقال الترمذي: (هذا حديث حسن قد رواه غير واحد عن سعيد بن جهمان ولا نعرفه إلا من حديثه المستدرك للحاكم 3/ 71.

وتكلم الأستاذ محب الدين الخطيب (المنتقى من منهاج الاعتدال ص 57 ت 2) على سند الحديث وبيّن ضعفه وأشار إلى عدم تصحيح ابن العربي له في العواصم من القواصم، ص 201، القاهرة 1371، ولكن الألباني صحح الحديث في"صحيح الجامع الصغير"3/ 118.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام